الفصل الاول / حمراء الشعر

19.4K 278 4
                                    


صوت تحطيم ..
-اللعنه !
رفع لوغان نظره.عن الرسائل التي كان يوقعها.وتعبيره محتار لسماعه
صوت التحطيم لما بدا له كالزجاج ، ولحق به بسر عةالشتيمة.
-ماذا..؟
صوت تطيم آخر!
تحول تعبير لوغان إلى ارتباك وهو يضع قلمه ويتجه الى مصدر
الصوت ..غرفة الاجتماعات المتصلةبغرقه مكتبه المتسع .
كان هو واثنان من مساعديه قد تناولوا الطعام هناك فى وقت سابق ،
ونافشوا العقود..ولقدد وجد لوغان ان هذه هى افضل طريقه للعمل
كانت الطاولة لاتتزال معدة جزئيا لتناول الطعام،لكن الغرفة ذاتها خاوية.
تمتم صوت مجهول المصدر بنفاذ صبر:
"اللعنة..هاك قدحي زجاج ،
يجب ان أجد بديلا لهما الان ..انا ..آآخ
وكانت الكلمةالاخيرة صيحةالم واضحة.'أصبح لوغان اكثر اهتماما الآن.ودار ببطء حول الطاولة الطويلة
ليجد نفسه يحدق الى شعر احمر براق.آه..لقد حل اللغز..هذه هي
الفتاة ..المرأة التي خدمتهم وقت الغداء الموظفةلدى االشيف
سيمون.ولم يكن لوغان قد لاحظها كثيرا اثناء وجبة الطعام لانه كان
منكبا على عمله ، ونقاشاته ، لكنه يتذكر لمحات عرضية لهذا الشعر الأحمر
المشع وهي تتحرك بهدوء حول الطاولة .
نهضت الفتاة ، ونظرت عابسة الى يدها اليسرى حيث ظهرت الدماء
على طرف احد الأصابع .
-هل جرحت نفسك ؟
مهما كان رد الفعل الذي توقعه لوغان على السؤال المتسم بالشفقة ،الا
انه لم يتوقع مطلقآ ان تقفز الفتاة توترا ، بحيث اوقعت احد الاكواب الزجاجية.
تمكن لوغان من ان يمد يده ويلتقط الكاس قبل ان يتدحرج على الطاولة
لتلحق بالكاسين اللتين اصبحتا حطاما على الأرض الحشبية اللماعة.
تمتم بخشونة وهو يضع الكاس على الطاولة : "لا داعي لأن تشتري
ثلاث كؤوس بدلا من اثتين. هل هو بجرح عميق؟".
ومد يده ليتفحص يد الفتاة.
لكن القتاة انتزعت يدها من قبضته واخفتها وراء ظهرها..ثم رفعت
نحوه عينين رماديتين فزعتين وشهقت:"انا آسفة لازعاجك سيد
مكنزي ..كنت انظف الطاولة.و..و.. كسرت كأسين" .
ونظرت الى الأسفل نحو القطع المتناثرة : "و..و ..".
لم تتمكن الفتاة من اكمال كلامها ماارادت ان تقوله فقد تلاشت فجاة وسط دموعها.
تراجع لرغان امام عرض المشاعرهذا وعبس بشدة .
-انهما كاسان من الزجاج فقط ..وأنا واثق من ان الشيف سيمون
ليس ذلك الغول اللذي يجعلك تبكين لأجلهما .
كانت شركة الشيف سيمون للخدمات تعتني منذ اكثر من سنة بكل ما
يقيمه لوغان من مناسبات في غرفة الاجتماعات و لطالما وجد لوغان ان
الرجل يتحمل مسؤولية التعامل معه.ولو انه لم ير هذه الفتاة الشابة من
قبل، فربما هي جديدة وتخشى ان تفقد عملها بسب كسرها لتلك الأكواب؟
-يمكنك ان تقولى للشيف إني كسرتهما .
ثم خطر له انها ربما تبكي لأنها قلقة او منزعجة واعترف بهذا على
مضض بمد ان تذكر لقاءه الأخيرمع غلوريا منذ اسبوعين.وازداد عمق
العبوس على جبينه وهو يتذكر الدموع التي ذرفتها ، دموع غضب واحباط ،
لأنه قال لهاان علاقتهما التي دامت سنة قد انتهت..حتى انها رمت اناء
ورود عليه حين رفض ان يغير قراره.
رفضت الفتاة على الفور:"اوه..لا استطيع فعل هذا ..ثم انه
سيسجل الثمن على فاتورتك ..ولن يكون هذا منصفا ابدا ..".
رهزت راسها .
انصاف..قلما يسمع لوغان هذه الكلمة في عمله ولا حتى في حياتهالخاصة..
اضافة الى ان كلفة كاسين مكسورتين لن تسبب طبعابأفلاس
شركته ذات الأعمال والملايين الكثيرة..
مدت الفتاة يديها لتمسح الدموع المتساقطة على خديها فلطختهما دون
قصد ببعض الدم.تمتمت بإحباط وفد ادركت ما فعلت :"اوه ..اللعنة ".
وفتشتت عبثا فى جيوب بنطلونها عن منديل .
قال لوغان :"أنت تحبين هذه الكلمة.. اليس كذلك ؟".
واحنى راسه قليلا ليتفرس بوجهها للمرة الاولى.
كانت فتاة صغيرة نحيلة بالكاد يصل طولها الى كتفيه ، ترتدى بنطلونا
اسود وبلوزة عاجية اللون تبرز نحول جسمها.ويحيط بوجهها شعر احمر
مشع يصل إلى كتفيها .عندما نظراليها للمرة الأولى بدا له ان وجهها مغطى
بالنمش..لكن بعد التمعن راى ان النمش يغطي خديها وانفها فقط ..
عيناها رماديتان تحيط بهما رموش سوداء كثيفة ، اما فمها فقد بدا عريضآ مع
انها لم تكن تبتسم في تلك اللحظة.
من اين اتت تلك الابتسامة؟تساءل لوغان مذهولآ وهو يعيد تقييم '
الراي الذي كونه عن هذه الفتاة بانها غير ملفتة للنظر.فحين ابتسمت ،
غدت عيناها الرماديتان مضيئتين ، وظهرت غمازتان على خديها المستديرين،
كما لمعت اسنانها الييضاء في فم شهي ناعم.
حدق لوغان بها دون وعي ، واحس بانه يفقد انفاسه!
وقالت معترفة :"إنها ليست مشكلة مستعصية...وانا اقدر لك
عرضك بامتنان بالنسبة للكاسين..
وتابعت الفتاة الابتسام دون ان تعى مدى تاثير ابتسامتها هذه على
لوغان:"كما قلت ، لا يستاهلان الانزعاج بسببهما".
وهزت كتفيها..
قال لوغان غاضبا من نفسه..ومنها:" اذن علام كنت تبكين؟"
تلاشت ابتسامتها..وزال ارتباك لوغان ..وهزراسه.الفتاة ليست
جميلة بحق الله..فما هي الا كومة نمش وعينان رماديتان فقط!
قال بنفاد صبر:"حسنا؟".
رفعت وجهها وراحت تنظر اليه بعينيها الرماديتن الواسعتين ، نظرة
ملؤما التانيب:"انا..انا..جرحت نفسي!".
ورفعت اصبعها المجروح .
نظر لوغان اليه عابسا.
"يبدو ان النزيف قد توقف..ولا يبدوخطيرا".
لاحظ بعد ان شعر يالتوتر أنه اضاع ما يكفي من وقت على هذا
الموقف..مهما يكن!
قال فجأة بحده:"ساقول لسكرتيرتي أن تاتيك بضمادة. وفى هذه
الأثناء ، اقترح ان تغسلي اصبعك ووجهك".
رفعت يدها الى خدها بخجل:"انا آسفة لازعاجك ".
قطبت وجهها وكانها على شفير البكاء مجددآ.
ولم تكن لتدرك كيف ازعجته!ولو مؤقتا!
سالها:"ما اسمك ؟".
قالت بصوت بائس:"دارسي" .
-حسنا انسه دارسي..
صححت له بشكل يفتقد الى الأناقة: "دارسي هو اسمي الأول .
اوه لا .. ستبكي مجددا! ثم اليس دارسي اسم صبي؟
تمتم لوغان ساخرا:"كان والدك يريد ابنا..همم؟".
لمعت العينان الرماديتان بغضب:"ما اراد ،وما حصل عليه امران
مختلفان تماما".
-هذا الامر يهم النساء عادة
نظرت دارسي اليه عبر رموشها الطويلة السوداء:"هل انت متزوج يا
سيد ماكنزي؟".
ارتفع حاجبا لوغان بدهشة تحت شعره الأسود الذي يغطي جبينه..ما
علاقة وضعه العائلي بأي شيء؟
رد ببطء:"الحقيقة..لا،".
هزت راسها وكأنها خمنت الجواب.
-انا اعتقد ان شخصية المراة تجعلها تستجيب للرجل الذى سبق ان
تورطت معه ، مثلا...
قاطعها لوغان وهو بشد على فكه:"دارسي..انت هنا لتقديم وجبة
الطعام فقط ، وليس لتحليل نفسية الزبون".
قبل دقائق معدودة كان مسرورا تماما بيومه هذا.كان الغداء ناجحا،
والعقود جيدة ، حتى وهو يتكلم مع هذه الشابة. وكان يتطلع قدما الى
العشاء هذه الليلة مع شقراء جميلة التقاها في حفل عشاء يوم السبت.لكن
هذا الاحساس بالسعادة ضاع الآن وبات يشعر برغبة متزايدة في ان يخنق هذه الشابة!
وبدت دارسي مرتبكة قليلا:"انا آسفة جدا...المسالة فقط ..انني
عاجزة من تمالك نفسي اليوم !"
ثم دفنت وجهها يين يديها وعادت الدموع تنهمر مجددا من عينيها .
هز لوغان راسه بحيرة ، وهو يشعر مرة اخرى بالارتباك الكامل امام
تلك الدموع:"اوه ..بحق السماء !".
ومد يديه يجذبها ليغمرها بين ذراعيه.
احس بها صغيرة جدا وهو يضمها إلى صدره الصلب كما احس ان
ملمس ذلك الشعر الأحمر كالحرير على اصابعه فراح يداعبه دون وعي وقد
بدت له هشة كعصفور صغير .
ماذا يفعل بحق السماء انها الخادمة التي اتت لتقدم الطعام وقد
يدخل اي شخص عليهماالآن ويسيء فهم الموقف تماما!
تحرك بانزعاج:"آه..دارسي...".
كان ردها الوحيد على سؤاله المتردد بأن دفنت وجهها  اكثر في صدرقميصه ، حتى تبلل.
احس لوغان انه غير قادر على التعامل مع هذا الموقف.وراح يتمنى لو
ان احدا يدخل ويقاطعهما..حتى لو ادى ذلك الى اساءة الظن بتصرفه هذا!
قال بخشونة :"هاك..."
واعطاها منديلا ابيض اخرجه من جبيه الداخلي وارتاح حين تحركت
مبتعدة عنه قليلا لتمسح دموعها.
قالت بصوت يائس:"انا فعلا آسفة.. لكني سمعت بعض ..بعض
الأخبار المزعجة..قبل قليل ..قبل ان احضرالى هنا..انا لا ابكي عادة
فوق كتف الغرباء ..اؤكد لك".
وابتسمت ابتسامة دامعة .
رد لوغان بشبه ابتسامة ، وحاول المزاح :"لابأس في هذا..فلا احد منا
كامل !".
وتساءل اي نوع من الأخبار تلقته هذه الشابة لكي تبدو بهذه الحالة..
وسمع نفسه يقول:"هل يمكن ان اساعدك بشيء؟".
ثم عبس مقطبا لهذا الاهتمام غير العادى بشؤون امرأة غريبة ،ايا كانت.
ينتمي لوغان الى عائلة اسكوتلندية كبيرة مؤلفة من جد طاعن في السن
، وأم وخالتين وعدد من النسيبات.وكان يسهل عليه عادة الابتعاد
عن المشاحنات التي تعصف بالعائلة باستمرار.ولولا ذلك لأمضى معظم
وقته عالقا فى المشاكل ، بينما هو يفضل حياة اكثر هدوءا ولهذا السبب
يقضي معظم وقته في شقته فى لندن!
لماذا يبدي اذن هذاالاهتمام بمشاكل شخص غريب عنه تماما خاصة
بهذه المراة التي بكت على صدره وتركت لطخان دم على قميصه!هذا ما كان يجهله.
ابتسمت دارسي بمرارة ، وهزت راسها:"اشك في هذا ..لكن شكرا
على السؤال".
احس بالتوتر لأنها لم تخبره ما كان يزعجها!ماذا دهاه بحق السماء؟
شجعها متملقا :"يقال إن المشاكل تهون عندما نشاطرها".
هزت راسها :"اشك في انك قد تهتم ".
وبدا عليها الإحراج فقال لهابصوت اجش:" حاولى ".
هزت دارسي كتفيها مجددآ
-الأمر فقط ..لا..استطيع حقا..دا...اقصد الشيف سيمون
لن يكون ممتنا لو عرف اننى اناقش حياته الخاصة مع احد زبائنه.
الشيف  دانيال سيمون..؟ هل كادت هذه الفتاه تنادي
الشيف المشهور باسمه الأول لأ ن بينهما علاقة حميمة تتخطى علاقةالعمل.
دانيال سيمون. وهذه الفتاة دارسي؟
ولم يستطع لوغان إخفاء دهشته..فهذه الفتاه تبدو في بداية العشرينات
من عمرها بينما ما يعرفه لوغان عن دانيال سيمون هو انه رجل في اوائل
الخمسين من عمره..الربيع والخريف.. صحيح ان هذا الأمر ليس غريبا
تماما لكن لوغان لم يتصور ذلك الرجل مع
تلك الفتاة. بل في الواقع لا يستطيع القول
انه فكر ولو مرة واحدة بحياة دانيال سيمون الخاصة.
كما انه لايريد التفكير بها الآن!
هز راسه بحدة:"ربما انت على صواب سارسل لك الضمادة مع كارين."
وهم بالخروج .
-سيد ماكنزي..؟
استدار على مضض ، ررد بجفاء:"نعم..دارسي؟"
قالت بصوت اجش:"شكرا لك"
وابتسمت له للمرة الثانية وتسببت مرة ثانية بتلك الرعشة العنيفة داخل صدره!
فرأى لوغان انه كلما اسرع في الخروج من هنا، كلما كان ذلك افضل!
رد بخشونه حادة:"اهلا بك".
وانسحب عائدا الى مكتبه .
هل هرب؟ سأل نفسه ما ان جلس وراء مكتبه.من هي هذه المرأة..
دارسي؟ امر سخيف.لقد نال ما يكفيه من دموع امراة ليومه هذا..خاصة
وانها افسدت له تماما قميصه الحريري بدموعها والدم النازف من ا صبعها!
تاوهت دارسي فى نفسها..ماذا سيكون راي لوغان ماكنزى بها؟
لقد حاولت بشدة ابعاد افكارها القلقة هذا الصباح مركزة فقط على
نقديم الغداء للزبون وضيفه ، لكنها لم تتكن من السيطرة على افكارها
المشوشة. فما ان بدأت تنظف المائدة ، حتى اوقعت الكأسين ارضا الأمر
الذي بدا كانه القشة التي قسمت ظهر البعير، في يوم تشعر فيه وكان الأرض
قد تهاوت تحت قدميها .
لكن ، مع ذلك ، ما كان يجب ان تبكي وتبلل قميص لوغان ماكنزي
الأبيض .وهي تشك بامكانية ازالة الدم عنه!
كان منديله للبلل لا يزال معها،لن تستطيع ان تعيده له فى حالته
هذه ..كما انها لا تظن ان لوغان ماكنزي سيفتقد منديلا ابيض..لكنها
مسألة مبدآ بالنسبة اليها..انها..
واعلن صوت مشرق انثوي:"ها قد اتيت".
ودخلت كارين هيل سكرتيرة لوغان ماكنزي الخاصة الى الغرفة ،
حاملة مرهم مضادا للالتهاب وضمادة.. نظرت الى دارسي متسائلة:"لقد
قال لى لوغان انك اصبت بحادثة".
كانت دارسي على ثقة من ان لوغان يعتقد انها حادثة كبيرة!
وانكمشت خجلا وهي تذكر الطريقة التي انتحبت فيهاعلى قميص الرجل
المسكين ، وقالت:"انه جرح بسيط.. مجرد ضمادة ستفي بالغرض".
وتقبلت العوون بخفة فالجرح لم يعد ينزف ولو انه كان يؤلمها قليلا.
لكن لم يكن الجرح يؤلمها بقدر ما آلمها ان تتذكرانهيارها التام امام
لوغان ماكنري منذ بضع دقائق! كلما اسرعت في الخروج من هنا كلما كان
ذلك افضل لها.
اخذت الضماده شاكرة:"شكرا..اوه.. هل لديك فكرة عن قياس
قميص لوغان..اعني السيد ماكنزي؟".
ارتفع حاجبا كارين الشقراء في دهشة واضحة ، وكررت متسائلة:
"قياس قميص لوغان..؟".
يا لها من غلطة..صحيح انها تنوي استبدال قميص لوغان ماكنزي
الحريري اللذي افسدته الا انه عليها ان تجد طريقة اخرى لمعرفة القياس المناسب.
قالت للمرأة الأخرى بمرح :"لا يهم.. سانهي التنظيف هنا واغادر .
ردت المرأة الأخرى وقد بدا واضحا انها ما زالت حائرة لسؤال دارسي:"عظيم".
ما ان اصبحت دارسي وحدها حتى وضبت ادوات الطعام بسرعة في
السلال ولفت الكاسين بورق صحف لتأخذهما معها.
وكان من حظها ان وجدت لوغان ماكنزى ينتظر قرب المصعد حين
تقدمت بجهد عبر الممر حاملة سلتين ثقيلتين!
استدار لينظر اليها، وشهق شهقة خفيفة حين عرفها وقطب جبينه .
هز راسه محييا بحدة:"دارسي".
ونظر بنفاذ صبر الى الأنوار التي تشير إلى تحرك المصعد البطيء .
فادركت دارسى انه لا يطيق البقاء بقربها ويود الابتعاد عنها..وعرفت
انه قد يطلب من دانيال الايرسلها بعد اليوم لخدمة اي غداء عمل
يقيمه.حسنا..لا داعي لأن يقلق من هذه الناحية..فقد حضرت اليوم
فقط لان الشركة بحاجة إلى اليد العاملة.
اسس داينال مطعم ~1الشيف سيمون منذ خمس سنوات فى لندن،
واصبح هذا المطعم ناجحا بحيث راح زبائنه يسألونه عما اذا كان بأمكانه تقديم حفلات الغداء والعشاء
التي يقيمونها في منازلهم.
لسوء الحظ ، اصيب عدد من الخدم بالأنفلونزا
ولهذا تم تجنيد دارسي للمساعدة اليوم...
لكنها تمنت لو لم تقم بهذه الخدمة مطلقا.
-هاك..دعيني.
ومد لوغان يده بنفاد صبر وأراحها من إحدى السلتين الثقيلتين.
رمشت ، دارسي بعينيها دهشة وهي ضائعة
في افكارها،وتمتمت
بذهول:"شكرا لك ".
ثم اضافت بارتباك:"لكن لا داعي حقآ".
وتحركت لتستعيد السلة من يده.
مإلا ان لوغان لم يسمح لها بذلك ، واحكم اصابعه الطويلة حول مقبض السلة وقال
بحدة:"اتركيها".
وصل المصعد فتراجع كي تدخله هي اولا.
نظرت دارسى اليه من تحت رموش منخفضة وهو يضفط زر المصعد على
الطابق الأرضي،انه في الخامسة والثلاثين من العمر تقريبا،وسيم بشكل لايصدق..
وصارم بطريقة متعجرفة..
شعره اسود ناعم،وعيناه زرقاوان بلون البحر الصافي، انفه طويل الى حد ما،
وفمه منحوت ساحر،ملامحه رجوليه وخشنه
تنايب زارعا اكثر من رجل اعمال يرتدي قمصانا حريرية.
اللعنة ..تذكرت ماحصل منذ قليل ولاحظت لطخات الدم الظاهرة
على القماش الجاف فتأوهت في سرها.
احست دارسي بالراحة حين وصل المصعد اخيرآ إلى الطابق الأرضي.
فقد كان الصمت بينهما ثقيلآ مزعجآ .
ومدت يدها لتاخذ السلة منه من دون ان تتحرك لتلحق به الى خارج المصعد.
وقف لوغان ماكنزي عند الباب وقطب مرة اخرى .
-الى اين انت ذاهبة؟
-الى الطابق السفلي. لدي شاحنه صغيرة هناك .
-في هذه الحالة...
وعاد إلى المصعد واقفل الباب خلفه وضغط زر النزول الى لطابق  السفلي.
قالت مرة اخرى :"لا داعي لهذا حقا".
واحست بالارتباك التام لأن صاحب هذه الشركة المالية يساعدما بهذه
الطريقة .
رد بتجهم :"بل هناك داع..فتاة صغيرة الجسم مثلك لا ينبغي ان
تحمل هاتين السلتين الثقيلتين.صححي لى اذا كنت مخطئا لكن انت وحدك
اهتممت بالتحضير للغداء اليوم اليس كذلك ؟".
كان سؤاله حازما ، وقد تجاهل انها كانت على وشك الاحتجاج لنعته
لها بذات الجسم الصغير، وضاقت عيناه الزرقاوان .
-اجل..
ونقلت السلة الثقيلة الى يدها الأخرى.
-نحن اليوم بحاجة الى عمال ، كما ترى،و..
قاطعها لوغان وهو يخرج إلى الطابق السفلي المعتم الذي يستعمل
كموقف للسيارات فى شركةماكنزي
للصناعات .
-وان يكن! يجب الآ يتوقعوا منك التعامل مع هذه الأمور.هذا ما
سأذكره لدانيال فى اقرب فرصة .
قالت بعناد ولوغان ماكنزي لا يزال متجهما:"اوه..لا تفعل هذا!".
لقد تدبرت الأمر بشكل رائع.هل كان لديك شكوى من الطعام ؟.
رد ببطء :"لا..".
اكدت باشراق :"لا مشكلة اذن ..اليس كذلك ؟".
نظرا ليها مفكرا:"اتعرفين يا دارسي.. قد تجدين دانيال اقل من..
مستبد قليلا، لولا انك متلهفة لارضائه".
رفعت دارسي نظرها اليه لكن الاضاءة الحافتة فى موقف السيارات
جعلت من المستحيل عليها ان تقرا تعبيروجهه بوضوح..وهذا امر
مؤسف ..لأنه لم يكن لديها فكرة عما يعني بقوله هذا!
ردت:"لم يكن هذا سوى غداء عمل".
واستعدت للذهاب بعد ان وضعت الأغراض فى الفان و أمسكت
المفاتيح بيدها .
-انا لم اكن المح بشكل خاص الى الغداء .
اذن عم يتكلم ؟ فى الواقع ، كان بإمكانها التعامل مع الجزء الأخير من
هذه الهمة بشكل افضل..لو لم تنفجر بالبكاء.
عبس لوغان ماكنزى قليلاوبدت الحيرة على وجهه وقال:"انا اقدم لك
نصيحة يا دارسي..والأمر عائد لكا ذا كنت ستقبلين بها ام لا".
تمتمت:"انا..شاكرة لك ".
ولم يكن لديها فكرة عن النصيحة التي اسداها لها!
لم تكن المسالة مسالةارضاء دانيال ،فهي متكدرة ، بل اكثر من
منكدرة ..ولو انها رفضت المساعدة فى العمل لكان رفضها ضربا من
الفظاظة ، فى وقت كان هناك نقص في الخدم.فالعمل عمل ، على اي
حال..اعترفت بهذا بمرارة .
هز لوغان ماكنزي راسه بحدة قبل ان يستدير بسرعة باتجاه المصعد،
ويدخله باساريرمتجهمة ويقفل الباب وراءه.
يا له من رجل غريب.هذا ما فكرت به دارسي وهي تصعد الى الفان
وتقوده الى خارج الموقف . لطيف فى دقيقة ، ونافذ الصبر فى اخرى، ثم
حكيم يسدي النصح في وقت آخر .
ما بالها تفكر فيه الآن في حين ان اكبر المشاكل بالنسبة اليها هو دانيال
سيمون..الشيف سيمون.
فالواقع انه هذا الصباح قد اعلمها بكل هدوء انه ينوي الزواج من
امرأة كان قد التقى بها منذ ثلاثة اسابيع فقط!!

انتهى الفصل

روايا احلام/ عبير:لا تبتسميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن