🔥البارت السابع عشر🔥

19K 637 150
                                        

***************************

تجمدت ابتسامة داغر على شفتيه و توسعت عينيه بدهشه من تحولها المفاجئ في مثل هذا الموقف ... نظر إلى يديها الصغيرتين الممسكتين بياقة قميصه بقوة، ثم رفع عينيه إلى عينيها المتسعتين الغاضبتين ووجنتيها المحمرتين بغضب طفولي ... رغم حدة نظراتها ونبرة صوتها الغاضبة التي بدت وكأنها زمجرة قطة صغيرة، إلا أن مظهرها كان لطيفًا بشكل لا يُقاوم كتم داغر ضحكاته بصعوبة وهو يراقب تعابير وجهها الغاضبة ... كان منظرها يثير فيه مزيجًا من العشق والرغبة في احتضانها وتهدئتها ... قال بضحك:"ما تاخديني قلمين احسن"

ثم أضاف بجدية وهو يمسح بأبهامه بحنان بالغ على ظهر كفها الصغيرة المحتبسة بين كفيه الكبيرتين، وعيناه السوداوان تثبتان على عينيها الرماديتين بصدق عميق: "يا روحي تاليا مين دي اللي يبقى بيني وبينها حاجه وإزاي ممكن يخطر في بالك ولو للحظة واحدة إني ممكن أبص لغيرك أو يكون في قلبي مكان لواحدة تانية؟ أنا قلبي من أول ما عرفك ما دقش غير ليكي، وعيني مشافتش ست غيرك في الدنيا كلها عايزك تثقي فيا يا شمسي أنا عمري ما هكون غير ليكي، وعمري ما هعشق ولا هشوف غيرك أنتي وبس."

ارتخت قبضة شمس على ياقة قميصه تدريجيًا، وبدأت نظرات الغضب في عينيها تخبو ليحل محلها بعض الخجل والتردد. كانت كلماته الصادقة وحرارة عينيه تخترق دفاعاتها ببطء. خفضت عينيها للحظة ثم رفعتها مرة أخرى تنظر إليه بتذمر ممزوج بغيرة طفولية: "انت مشوفتهاش كانت بتتكلم عنك إزاي كانت بتتأمر وبتزعقلي وبتكلمني بطريقة وحشة، وكأنك جوزها وأبو عيالها كانت بتقولي كلام سخيف عني، وكأنها ليها حق فيك أكتر مني" كانت تتحدث بانفعال، وتعبير الغضب لا يزال عالقًا بملامحها الجميلة

مرر داغر أنامله برقة في خصلات شعرها الحريري، وعيناه تنظران إلى عينيها بحنان بالغ. همس بصوت دافئ: "يا حبيبتي أنا ليكي انتي وبس، قلبي و روحي وكل حاجة فيا ملكك لوحدك ومتقلقيش من أي حاجة تانية حوالينا." ثم أضاف بمشاكسة وهو يرفع حاجبه بابتسامة لعوب: "وبعدين انا جوزك انتي وأبو عيالك انتي يا حرم داغر الشافعي"

اتسعت مقلتيها بصدمة: "مراتك؟ إمتى ده حصل ... وﻻ قصدك فيما بعد"

= تؤ تؤ خلاص بقيتي مراتي و مكتوبه ع اسمي

عقدت حاجبيها بإستغراب:"ازاي؟"

ابتسم داغر ابتسامة واسعة وهو يضم وجهها بين كفيه برفق:"روحت لأبوكي و كتب كتابي عليكي"

عبست ملامح شمس فجأة، وتلاشت نظرة الدهشة من عينيها ليحل محلها حزن عميق ... شعرت بغصة مؤلمة تعتصر حلقها، وتدفقت إلى ذهنها صور والدها وكلماته القاسية وقراراته التي لطالما شعرت بأنها قيدت حريتها وأوجعتها تراجعت برأسها إلى الخلف وسحبت يديها من بين كفي داغر، ونظرت إلى الأرض بشرود وكأنها تتذكر شيئًا مؤلمًا ... تنهدت شمس بعمق وبدأت تتحدث بصوت خفيض مليء بالمرارة والألم الدفين، وعيناها تحدقان في الماضي وكأنه شريط سينمائي مؤلم يُعرض أمامها. "أبويا يا داغر... عمري ما حسيت معاه بالأبوة الحقيقية كان دايماً بعيد، قاسي في كلامه ونظراته أي حاجة كنت بحبها، أي حلم كنت بحلم بيه، كان أول واحد يقف قصاده ويعارضه بكل قوة. كان دايماً يشوفني أقل من تاليا، دايماً يقارن بيننا ويحسسني إني أنا السبب في أي مشكلة، كأني عبء عليه مش بنته .... كنت دايماً الأولى في دراستي، أذاكر وأجتهد عشان نفسي  لأني عمري ما شفت نظرة فخر في عينيه حتى لما ربنا كرمني ودخلت طب، اللي كنت بحلم بيها من صغري، كانت ردة فعله باردة، كأن الأمر ميعنيهوش. عمري ما حسيت بفرحته بيا، دايماً كان فيه حاجز بيني وبينه"ثم انهار صوتها وبدأت الدموع تتجمع في عينيها: "والأصعب من كل ده... لما صدق كلام كدب اتقال عني ... كلام جارح  مكنش ليه أي أساس ... بدل ما يسأل، بدل ما يثق فيا، اتبرى مني طردني من البيت زي الغريبة، بكل قسوة  مكنش فارق معاه مصيري، نمت فين، أكلت إيه... كأني مش بنته مش من لحمه ودمه رماني للكلاب تنهش فيا .."ازدادت شهقاتها وبدأت الدموع تنهمر على وجنتيها:"اضطريت أشتغل لوحدي عشان أعيش، اشتغلت صبح وليل عشان اقدر اجيب مكان انام فيه وحتى حلمي ...  طب اللي كنت مستعدة أموت عشانها ... اضطريت أسيبها. مكنش معايا فلوس أكمل تعليمي وأصرف على نفسي في نفس الوقت ضاع حلمي قدام عيني، ومحدش مدلي إيده."

عشقني الأعمى(تم التعديل) مُكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن