"كنت أصغر سناً من أن تختبرني الحياة بهذه القسوه💔"
**************
أغمض فارس عينيه المنهكتين، وتدفقت إلى ذهنه صور الماضي البعيد كشريط سينمائي قديم رأى شمس الصغيرة بفستانها الوردي وهي تركض بخفة في حديقة القصر، وسمع ضحكاتها العذبة وهي تختبئ خلف شجرة الورد ... تذكر لمعة عينيها الرماديتين المليئتين بالحياة والمرح ...
((في حديقة قصر الهواري المترامية الأطراف، كان يتردد صدى ضحكات طفلين صغيرين وهما يلعبان الغميضة ... كان صوت فارس الصغير يرتفع بجدية وهو يسند ظهره إلى جذع شجرة ضخمة، يعد بصوت عالٍ وعينيه مغلقتين بشدة:"وااااحد، اتنين ،تلااااته ....."
أما شمس ذات الخمس سنوات، فكانت تركض بخفة بين الشجيرات الملونة وأحواض الزهور، تتسلل بخطوات هادئة تحاول إيجاد أفضل مكان للاختباء. شعرها الأسود يتمايل مع حركتها، وعيناها الرماديتان تلمعان ببريق المرح و الحيويه ... اختبأت شمس خلف شجرة ورد كبيرة ذات أغصان كثيفة مليئة بالأزهار الحمراء المتفتحة، وتكات قلبها الصغير بخوف وترقب وهي تسمع صوت فارس يقترب: "...تسعة، عشرة انااا جااااااي"
فتح فارس عينيه بابتسامة واسعة وبدأ يبحث عن شقيقته الصغيرة بين الأشجار والشجيرات كان يتفحص كل زاوية وركن بفضول وحماس، ينادي عليها بصوت خفيض: "شمسي ... يا شمسي ... انتي فين"
كانت تكتم ضحكاتها بصعوبة وهي تراقبه من مكان اختبائها، تستمتع بمحاولاته اليائسة للعثور عليها شعرت بانتصار صغير عندما مر فارس بجانب شجرة الورد دون أن يلاحظها ... لكن فرحتها لم تدم طويلًا، فسرعان ما لمح طرف فستانها الوردي يختبئ بين الأوراق الخضراء ... صاح فارس وهو يركض نحوها بابتسامة منتصره:"لقيييتك يا وزعه"
قفزت شمس من مكانها وهي تضحك بصوت عالٍ، وبدأت تركض مرة أخرى وهي تحاول الإفلات منه طاردها فارس حول أحواض الزهور والنوافير المتراقصة، وضحكاتهما تتعالى في الهواء الطلق، تمتزج مع تغريد العصافير وحفيف أوراق الأشجار كانت لحظات بريئة مليئة بالسعادة والمرح، لا يعكر صفوها شيء سوى متعة اللعبة ودفء الأخوة الصادقة في تلك اللحظات الطفولية الخالدة، لم يكن يخطر ببال أي منهما أن الأيام القادمة ستحمل معها رياحًا قاسية ستغير مسار حياتهما إلى الأبد ... وان تلك اللحظات المرحة ستصبح يومًا ما مجرد سراب بعيد، وأن الأقدار ستسلك بهما طرقًا وعرة مليئة بالألم والفراق ...))
في غرفة العناية المركزة الباردة، حيث تتردد أصداء الأجهزة الطبية بشكل رتيب، كان فارس يجلس بجانب سرير شقيقته ، وعيناه مثبتتين على وجهها الشاحب الذي يخلو من أي أثر للحياة كانت الضمادات البيضاء تلف معصمها الصغير، تحكي قصة يأسها المروعة ...

أنت تقرأ
عشقني الأعمى(تم التعديل) مُكتمله
Romanceفاقد للبصر مؤقتًا ... رجل أعمال ذو نفوذ ... اعتاد على السيطرة ... وجد نفسه ضعيفًا للمرة الأولى ... صوتها الرقيق اخترق دفاعاته ... طيبتها لمسّت روحه المتعالية ... وجد في عينيها نورًا في عتمته ... أسره جمالها الداخلي قبل الخارجي ... بدأ قلبه ينبض باسم...