في الزاوية المظلمة خلف العمود الثالث، حيث لا يمر السائحون، لامست يدها جدارًا بارزًا قليلًا. لم يكن عليه أي نقش، فقط انبعاج غريب في الحجر… كأن أحدًا تعمّد إخفاء شيء.
وفجأة، انبعث دفء خافت من تحت أطراف أصابعها، شعرت به سيلين في عروقها. تراءت لها صورة في خيالها – غرفة ضيقة مضيئة بمصابيح زيتية، وجدرانها مرصعة برموز غير معروفة، ووسطها كتاب ضخم من حجر، تُكتب صفحاته بلا يد.
ارتجفت. تراجعت خطوة، لكن الجدار ظل نابضًا بالحياة... كأن المعبد تنفس باسمها.
ثم تذكّرت ما رأته في مدينة هرقليون: التمثال الغارق الذي نقلها إلي المدينة حين لمسته، والرمز المحفور على صدره، نفس الرمز المرسوم الآن على الأرضية تحت قدميها.
همست لنفسها:
– "غرفة المعرفة... مش أسطورة."
كانت النظرة الأخيرة التي رمقتها إلى الرمز تحت قدميها كافية. شعرت أن الأرض تنبض بنبضات قلب، فجلست القرفصاء، ومرّرت أناملها على الخطوط المحفورة في الحجر.
دوامة، ثم عين، ثم طائر غريب بجناحين ممدودين.
بمجرد أن لمست مركز الرمز، حدث ما لم تتوقعه. ارتجّت الأرض من تحتها، لا بقوة زلزال، بل برجفة خفيفة كأن أحدًا فتح بابًا لم يُفتح منذ آلاف السنين. جزء صغير من الأرضية انشقّ بصمت، كاشفًا عن درج حجري يهبط إلى الأسفل، تغلفه ظلمة كأنها بُتِرَت من قلب الليل.
ترددت. نظرت خلفها، فوجدت المعبد ساكنًا، والزوار بعيدين عنها، كأن العالم كله غُلف بلحظة انتظار.
نزلت خطوة... ثم أخرى.
رائحة قديمة، غريبة، غمرتها، ليست كرائحة الغبار، بل مزيج من الزيت القديم والعنبر المُحترق.
حين وصلت إلى القاع، أضاءت المشاعل تلقائيًا، كأنها تعرف أنها قادمة. الجدران كانت مُغطاة بنقوش لم تراها من قبل، ليست هيروغليفية... بل شيء أعمق،رموز ، تتحرك مع عينها، تتغير مع تفكيرها.
وفي نهاية الغرفة، كان هو... الكتاب الحجري.
ضخم، تلمع فوقه خطوط من ذهب، وصفحاته تُقلب وحدها... وعندما اقتربت، توقفت الصفحة عند رمز كبير، هو نفسه الذي رأته في هرقليون، وفي حلمها، وعلى الأرضية.
ولكن قبل أن تلمسه، سمعت صوتًا خلفها... همسة ناعمة، كأن الهواء نطق:
– "ليس بعد... إنكِ لستِ وحدك."
أنت تقرأ
مدينة هرقليون
Fantasy**"في لحظة غامضة، تجد بطلتنا، الشابة العاشقة للتاريخ، نفسها في قلب مدينة فرعونية ساحرة، حيث الماضي ينبض بالحياة، والقدر يفتح أبوابه على مصراعيها. بين عظمة الحضارة وصراعاتها، وبين مشاعر لا تستطيع تجاهلها، تبدأ رحلتها التي تتجاوز حدود الزمن. لكن، بينم...
