"جادلوني بك ... أقسمت لهم أنك مختلف ...فخذلتني🥀 ..."
***************
ارتطمت شمس بصدره الصلب، وشعرت للحظة بدفء وأمان غريبين، لكن سرعان ما استوعبت رائحته المألوفة التي غابت عنها لسنوات طويلة رفعت رأسها ببطء وذهول، وعيناها تتسعان بصدمة ممزوجة ببعض الفرح الخافت همست بصوت مرتعش، وكأنها لا تصدق ما تراه عيناها:"ف... فارس"
ضمها فارس بقوة، وقلقه البادي على وجهه الوسيم يزداد قال بلهفة وقلق:"شمسي مالك؟ وشك مخطوف كده ليه؟"
لم تستطع شمس أن تنطق بكلمة، كانت عيناها مثبتتين على وجه شقيقها الذي اشتاقت إليه كثيرًا دموع جديدة بدأت تنهمر من عينيها، هذه المرة لم تكن دموع حزن ووحدة فقط، بل كانت دموع فرحة وارتياح ممزوجة بوجع القلب الذي لا يزال ينبض بقوة شدد فارس من احتضانه لها وقال بجدية: "تعالي... تعالي ندخل جوا الأول إيه اللي نزلك وإنتي بالمنظر ده؟" ثم حملها برفق بين ذراعيه القويتين وصعد بها الدرج عائدًا إلى الشقة ...
أخرجت شمس مفتاح شقتها من حقيبتها بيد مرتعشة وأعطته لفارس، بينما تتشبث بقميصه بلهفة واشتياق وكأنها طفلة صغيرة وجدت أخيرًا ذراع والدها الآمن بعد ضياع طويل كانت أنفاسها متقطعة، وعيناها لا تفارقان وجهه، وكأنها تخشى أن يختفي مرة أخرى. لم تنطق بكلمة، لكن نظراتها كانت تتحدث عن ألف حكاية من الوحدة والألم والشوق الذي كاد يفتك بها كانت تستمد منه شعورًا غريبًا بالأمان لم تشعر به منذ زمن طويل، وكأن وجوده المفاجئ أعاد إليها جزءًا مفقودًا من روحها ...
توسعت مقلتي فارس وشمس على اتساعهما بذهول وهما يدخلان الشقة كانت هبة تقف أمام المطبخ، ككائنًا فضائيًا خرج للتو من ثقب ... شعرها مشعث ومنتصب في كل اتجاه، وكأنه خاض معركة طاحنة مع وسادة وانتصرت الأخيرة بجدارة ... آثار النوم كانت واضحة على وجهها المنتفخ وعينيها الحمراوين ... كانت ترتدي بيجامة فضفاضة عليها رسومات لبطريق يرتدي نظارة شمسية، وتتمتم بكلمات غير مفهومة بينما تحاول فتح علبة مربى بعصبية ... ضحكت شمس يوهن بينما حدق بها فارس بغرابة:"مين دي"
نظرت شمس لهبه ثم عادت بنظرها لشقيقها وقالت بضحك خفيف:"دي هبه صحبتي ... انت نسيتها"
ابتسمت هبة بمجاملة محرجة وهي تسرع بيديها تحاول تهدئة شعرها المشعث و ملابسها، وقد توردت وجنتيها خجلًا من هذا الاستقبال المفاجئ لشقيق صديقتها ثم تمتمت ببعض الكلمات غير المفهومة وهي تدور على عقبيها بسرعة وتهرول نحو غرفة شمس، وكأنها تبحث عن جحر تختبئ فيه من هذا الموقف المحرج ...
حرك فارس رأسه بأسى خفيف، ثم توجه بخطوات هادئة نحو غرفة المعيشة، يحمل شقيقته بين ذراعيه برفق بالغ وحنان، وضعها على الأريكة كما لو كانت جوهرة ثمينة يخشى أن يخدش بريقها كانت ملامحه تعكس قلقًا عميقًا وحبًا لا يضاهى لهذه الرقيقة لكن يؤسفني أن أخبرك أنها لم عد شمس تلك الجوهرة المتلألئة التي يعرفها، بل تحولت إلى شظايا جوهرة مكسورة، بريقها خافتًا وكسور قلبها الغائرة تئن بصمت كانت نظراتها شاردة، وابتسامتها باهتة، وروحها تبدو وكأنها هائمة في عالم آخر مليء بالأوجاع والذكريات المؤلمة.

أنت تقرأ
عشقني الأعمى(تم التعديل) مُكتمله
Romanceفاقد للبصر مؤقتًا ... رجل أعمال ذو نفوذ ... اعتاد على السيطرة ... وجد نفسه ضعيفًا للمرة الأولى ... صوتها الرقيق اخترق دفاعاته ... طيبتها لمسّت روحه المتعالية ... وجد في عينيها نورًا في عتمته ... أسره جمالها الداخلي قبل الخارجي ... بدأ قلبه ينبض باسم...