*****
في المساء، وبعد يوم عمل شاق، كانت شمس تجلس في غرفة معيشتها الصغيرة منكبّة على مذكّراتها وكتبها، تحاول التركيز على دراستها ومراجعة المحاضرات التي أعطتها إياها هبة ... فجأة ودون سابق إنذار انفتح الباب يليه دخول داغر ببرود وهي يرفع رأسه لأعلى وظهره الضخم يبدو شامخًا وقويًا رغم حالته، توجه وجلس على الأريكة الموجودة في الغرفة فقد استغل ذهابها صباحًا وبدأ يستكشف ويعتاد على المكان بعناية فائقة، ويتحرك بحذر ويتلمس الأشياء ليحفظ مواقعها في ذاكرته، حتى لا يبدو عاجزًا أو يسقط أمامها ...
أراح داغر ظهره للوراء بإرياحية، ثم مدّ ساقه المصابة ببطء وفردها بشكل مستفز على الطاولة الصغيرة التي كانت شمس تستخدمها لوضع مذكراتها وكتبها ... فكانت شمس تجلس أرضًا، وقد رتبت كتبها ومذكراتها بعناية على سطح الطاولة المنخفضة لتتمكن من القراءة والكتابة بسهولة و جاء فعل فعل ذلك المستفز لتحتل قدمه جزءًا كبيرًا من مساحة الطاولة، وكأنه يتجاهل تمامًا وجودها ... أزاحت قدمه قليلا برفق وقالت بتذمر طفولي:"حاسب رجلك و الكتب"
= انتي صوتك عامل كدا ليه
وضعت يدها تلقائياً على حلقها:"مالو صوتي ... وحش"
= اوي زي صوت الاطفال مزعج و مستفز
مطت شفتيها المكتنزه بحزن:"عادي عاجبني وبعدين دي خلقة ربنا مش لازم يعني صوتي يبقى عالي و بزعق و بتنك على اي حد عشان ابقى طبيعيه"
استشعر سخريتها من حديثها وأنها تقصده هو بهذا الحديث ... فرد قدمه الأخرى وتسقط إحدى المذكرات عليها وقال ببرود:"طب قومي حضريلي اكل وفين اللبس اللي اشتريتيه"
= هو انا لحقت اقعد ساعه على بعضها ف الشغل عشان اجيبلك ما انا جيت جري بعد المصيبة اللي عملتها
= طب قومي دلوقتي اشتري
ضيقت عينيها بضيق:"علفكرة انت ممكن تتكلم عادي زي البني ادمين مش ﻻزم تتأمر وقومي و اعملي وهاتي انا مش شغالة عندك وحتى لو انت حد مهم و عندك ناس بيشتغلوا تحت أمرك ف انا مش منهم انا بس ساعدتك مش شغالة عندك انا مش بحب الأسلوب دا مش عشان لو انت كنت غني مثلا او شخصية مهمه دا يديك الحق انك تتعامل مع الناس بالغرور دا ﻻ ربنا هو اللي بيدي و بياخد وممكن ف يوم وليلة تخسر كل حاجة و تبقى زي الناس اللي انت بتتأمر فيهم دول"
كان داغر يستمع لحديثها بإنصات حقيقي، وملامحه تعكس استغرابًا واضحًا كانت كلماتها مختلفة تمامًا عما توقعه من شخص في وضعها توقع نوعًا من الاستغلال أو التكبر لكنها ترفض أسلوبه المتعالي وتذكره بتقلبات الحياة كانت شخصيتها تبدو متناقضة تمامًا لما يفترض أن تكون عليه امرأة في مكانتها ... قال بهدوء:"يعني انتي لو كنتي مكاني أو كنتي غنية أو من عيلة كبيرة و معروفة مكنتيش هتبقي كدا"

أنت تقرأ
عشقني الأعمى(تم التعديل) مُكتمله
Romanceفاقد للبصر مؤقتًا ... رجل أعمال ذو نفوذ ... اعتاد على السيطرة ... وجد نفسه ضعيفًا للمرة الأولى ... صوتها الرقيق اخترق دفاعاته ... طيبتها لمسّت روحه المتعالية ... وجد في عينيها نورًا في عتمته ... أسره جمالها الداخلي قبل الخارجي ... بدأ قلبه ينبض باسم...