الفصل الثامن: 🌪🥀

17 5 1
                                    


اليوم طويل في المحكمة

     بعد مرور شهر على اعتقال منير، جاء اليوم المنتظر للمرافعة. اجتمع الجميع في قاعة المحكمة، حيث جلست عائلة الضحية في الصف الأول، وأعينهم تفيض بالغضب والألم، بينما كانت عائلة القاتل تجلس في الجهة المقابلة، تتقاذف نظرات اللوم والعداء. بدا واضحًا أن كل طرف يحمل الآخر مسؤولية ما حدث.

أما من جهة منير، فلم يكن هناك سوى ياسين وخاله، يجلسان بصمت، تحمل وجوههما مزيجًا من التوتر والرجاء، بينما يراقبان باب القاعة بانتظار ظهور منير.

فُتح الباب الخلفي، ودخل الحراس يقتادون منير والقاتل إلى داخل المحكمة. كانت القيود المعدنية تلمع في يديهما، وصوت خطواتهما يرنّ في القاعة الصامتة. بدا منير شاحبًا، عيناه غارقتان في الإرهاق، لكن مشيته بقيت ثابتة، لا يريد أن يظهر ضعفه أمام الجميع.

في المقابل، كان القاتل أكثر هدوءًا، عيناه تتجولان في القاعة ببرود، وكأنه معتاد على هذه الأجواء. جلس كلاهما في مكانهما، ومنير يبحث بعينيه عن ياسين، الذي أومأ له مطمئنًا.

مرّت الدقائق ببطء، والجميع ينتظر بدء المرافعة، لكن المحامية التي من المفترض أن تدافع عن منير لم تكن قد وصلت بعد. الهمسات بدأت تتعالى في القاعة، والقلق بدأ يزداد على وجه ياسين، الذي التفت إلى خاله متسائلًا:

"أين هي؟ لماذا لم تأتِ بعد؟ هذا تأخير غير مقبول،ستبدأ الجلسة الان.!"

لكن قبل أن يفكر حتى في مغادرة مكانه للبحث عنها، فُتح الباب أخيرًا، ودخلت المحامية بخطوات هادئة، متجهة إلى مكانها بجوار منير. وضعت حقيبتها على الطاولة، وسحبت الكرسي لتجلس، ثم أخرجت بعض الأوراق دون أن تبدي أي اهتمام ظاهر لما يجري حولها.

كان تصرفها غريبًا، لا توتر، لا استعجال، وكأن القضية لا تعنيها أبدًا. تبادل ياسين وخاله النظرات، هل هذه حقًا الشخص الذي سيعتمدون عليه في إنقاذ منير؟

انتشر صوت القاضي في القاعة وهو يعلن بدء الجلسة، بداية المرافعة

بدأ القاضي بالاستماع إلى شهادة منير، الذي تحدث بصوت ثابت، رغم التوتر الذي كان يتسلل إلى أعماقه. حاول أن يوضح موقفه، أن يشرح ما حدث تلك الليلة، لكن القاضي سرعان ما انتقل إلى استجواب المتهم الرئيسي، الرجل الذي ارتكب الجريمة.

تكلم النائب العام، نبرته كانت حادة وهو يسأل: "لماذا قتلته بتلك الطريقة الشنيعة؟ هل كنت تدرك عواقب أفعالك؟"

لكن قبل أن يتمكن المتهم من فتح فمه للرد، قاطعه المحامي بسرعة، رافعًا يده باعتراض واضح.

أنين العدالة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن