←أحداث لا تنتهي→

29 19 1
                                    


بعد ان دخلت نوفا إلى غرفتها بخطوات ثقيلة، وكأنها تحمل العالم على كتفيها. أغلقت الباب خلفها بهدوء، ثم اتجهت نحو السرير. لم يكن هناك شيء يدعوها للصمود هذه الليلة؛ لأول مرة تشعر بأنها ضعيفة، هشة، وكأنها قطعة زجاج قد تتكسر في أي لحظة.

استلقت على السرير ودفنت وجهها في الوسادة، محاولة كتم شهقاتها التي بدأت تتسلل رغمًا عنها. دموعها انهمرت بغزارة، تحمل معها ثقل الخوف والإهانة والعجز الذي شعرت به طوال اليوم، ارادت ان تحتضن امها بقوة لعلها يخف هذا الشعور (الخوف)
لكنها لم تجد إلا فراشا يحتضن دمعاتها.

خارج الغرفة، جلس جواد على الأرض، مستندًا بظهره إلى بابها. كان يستمع إلى صوت بكائها المتقطع، وكل شهقة منها كانت تصطدم بشيء داخله لا يفهمه. شعور ثقيل اجتاحه، مزيج من الحزن وتأنيب الضمير.

تساءل في داخله:
"لماذا كل هذه المشاعر؟ لماذا يبدو وكأن ألمها يثقل كاهلي؟ هي ليست سوى غريبة... أليس كذلك؟"

لكنه لم يستطع تجاهل تلك الدموع، ولم يتمكن من إقناع نفسه بأنه مجرد مراقب بعيد. شيء فيها جعله يشعر بمسؤولية غريبة، كأنها نداء لا يستطيع تجاهله.

مد يده نحو الباب، وكأنه يهم بطرقه، لكنه تردد، ثم أعادها إلى جانبه. لم يكن يعرف ماذا يقول أو كيف يواسيها.

كل ما استطاع فعله هو الجلوس هناك، في صمت، مستسلمًا لتلك المشاعر التي لم يفهمها، بينما كان بكاؤها يمزق الصمت من حوله.

في الصباح الباكر، أيقظت أصوات الخطوات الخفيفة جواد من سباته على الأرض بجانب باب غرفة نوفا. فتح عينيه ببطء ليرى ليلى، خادمة القصر، تقف أمامه وهي تنظر إليه بدهشة.

ليلى، بصوت مليء بالتساؤل:"سيد جواد! ماذا تفعل هنا؟"

جواد، وقد مرر يده على وجهه المتعب، أجاب بصوت منخفض:"أنا... لا أعرف."
ثم أضاف بسرعة وكأنه يحاول تغيير الموضوع:
"هل استيقظت نوفا؟"

هزت ليلى رأسها نافية وهي تقول:" لا، لا أعرف، لم تخرج من غرفتها حتى الآن."

وقف جواد متثاقلاً، محاولًا أن يبدو طبيعيًا رغم اضطراب مشاعره. قال لها باقتضاب:
"حسنًا... سأذهب للاستحمام."

تحرك باتجاه غرفته بخطوات بطيئة، وأثناء سيره شعر بآثار التعب العالقة في جسده من ليلة لم يعرف فيها النوم راحة. دخل غرفته وأغلق الباب خلفه.

وقف أمام المرآة للحظات، ينظر إلى وجهه الشاحب ثم دخل إلى الحمام، وترك الماء البارد يتدفق على جسده، وكأنه يحاول غسل كل الأفكار والمشاعر الثقيلة التي سكنت عقله منذ ليلة الأمس.

أخبريهم يا ماردينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن