"ساڤيا، لا تفزعي..." قالها وهو يبتسم، توهّجت عيناه فجأة بلون أحمر أقرب للياقوت المشتعل، شهقت بصوت غير مسموع، كانت تترقّب حدوث شيء...
في البداية لم يكن هناك شيء، إلى أن لمحت ورقة وحيدة ترتقي عن الأرض، تخترق الهواء بهدوء كما لو أن خيطًا خفيًا يسحبها للأعلى. عيناها اتسعتا وارتفعت نظرتها تلقائيًا إلى مارتيوس، لتكتشف أن الورقة لم تكن وحدها.
العشرات منها تطفو حولهما، تنجرف بهدوء في دوائر متناسقة، كأن العالم قرر أن يرقص معهما تلك اللحظة.
ساڤيا مدّت يدها ولمست إحدى الأوراق بلطافة وما إن لامستها حتى سقطت على الأرض، تمتمت بعد تعافيها من عقدة لسانها "مارتيوس، أنت..."
قطعت جملتها عندما اشتعلت الأوراق كلها في الهواء بلحظة واحدة، في دوامة نارية لا تمسّ شيئًا، فقط تتوهّج وتختفي كأنها ولدت لتحترق.
تراجعت خطوة للخلف غريزيًا فاقترب منها مارتيوس وهمس بصوت مطمئن "لا تخافي... إنها لا تحرق ما هو عزيز علي..."
ساڤيا ابتلعت ريقها، همست بدهشة "كيف..."
"ساڤيا..." نبس باِسمها ولأول مرة يبدو سماعه مختلفاً، كأنه لم يُنطق من قبل بهذا الشكل. تقدم نحوها ورفع يديه برفق، وضع كل راحة على خدها، يشدّها إليه بهدوء. هذه المرة لم تستطع أن تُبعد عينيها، ليس لأنه يمسك وجهها بل لأن نظراته تأسرها تماماً.
حرك شفتيه ونطق بكلمتين، عندها انقطع الخيط بين الواقع والخيال وحُبِسَت أنفاسها.
"ساڤيا، أحبكِ"
كأن الكلمات اخترقت جدرانها. صمت مارتيوس طويلاً بعد كلامه، كما لو أنه يترك لها مساحة للتفكير أو الابتعاد، لكنه سمع نبضاتها، قلبها تحوّل لفرس بريّ لا يمكن تهدئته، وحين رأى احمرار خدّيها فهم أنها لا ترفض بل فقط لا تعرف كيف تنطق.
اقترب خطوة أخرى، وسحبها إليه بلطف، ذراعيه احتضنتا كل ضعفها واستنشق رائحتها بعمق كأنه نفسُ النجاة بعد الغرق.
للمرة الأولى سمحت ساڤيا لنفسها أن تشعر،
أن تصدّق، أن تسمح لنفسها بالانتماء، هناك شخص في هذا العالم المؤذي يحبها حقاً، هذا الشيء له وجود فعلاً، كل ذلك الوقت الذي حاولت فيه الابتعاد وتجاهل حُبها له كان خطأ.
في تلك اللحظة عندما لم يكن هناك أي جدوى للكلام تفاعل جسمها معه، رفعت ذراعيها ببطء لتبادله العناق بصمت، ما جعل ابتسامة مارتيوس تكبر أكثر.
تلاشت ابتسامته عندما سمع بعض الشهقات المخنوقة منها، مسح يده على ظهرها وهمس بقلق "ساڤيا...؟"
"شكراً لك..." قالتها وهي تدفن وجهها في صدره أكثر ويداها تشدانه بقوة "شكراً لأنك الوحيد الذي يجعلني دائماً سعيدة..."
"ساڤيا... عصفورتي الصغيرة..." همس وهو يمسح دموعها بإبهامه "تعرفين أني سأفعل أي شيء لأجلك..."
أنت تقرأ
وحوشٌ جميلة || متوقفة
Paranormalلم تكن لدى ساڤيا أي فكرة عن الرجل الذي حاولت إسعافه في الزقاق المظلم، أنقذت مارتيوس، دون أن تدرك أن فعلتها ستؤدي إلى رابطة أبدية لا يمكن كسرها. ربطت الضعف الإنساني بأكثر المخلوقات تقلبًا وخطرًا. هي لا تستطيع الهروب. وهو لا يستطيع الابتعاد دون أن يتم...
