في مكتب واسع، يجلس رئيس على كرسي فاخر خلف مكتبه الخشبي الكبير، يراقب شاشة هاتفه بصمت حتى ورده الاتصال. أمسك الهاتف وأجاب بصوت بارد
"نعم؟"على الجانب الآخر، جاء صوت الرجل المكلف بالمراقبة قائلاً بحماس
"هناك شجار كبير في المنزل بين الإخوة. يبدو أن الأوضاع متوترة للغاية."لمعت عينا رئيس بدهاء وهو يضع الهاتف جانبًا وينحني قليلاً للأمام، مرتكزًا بمرفقيه على المكتب.
ابتسامة ماكرة ارتسمت على شفتيه وهو يتمتم بصوت منخفض، كأنه يحدث نفسه
"هذا ما كنت أنتظره... عندما تتفكك الروابط، يسهل السيطرة."كان يوسف مستلقيًا على السرير، يحيط به الجميع .
رغم محاولات نور ومنى وحتى فؤاد لفتح حوار معه، لإخراجه مما مر به، كان جوابه دائمًا واحدًا
"أنا بخير... أريد أن أنام."نظرت منى إليه بحزن، لتقول
" لا تحزن من أخيك يابني، هو يحبك ولكنه يتالم بسببي ".كان يوسف هادئا بشده
" لا تقولي هذا يا امي...انا وأخي لا تقلقي علينا فقد مررنا بأسوا من ذلك".اقتربت منى وقبلت رأسه برفق، كأنما تحاول طمأنته دون كلام. عدّلت الغطاء عليه بحنان، وهمست بخفوت
"انا بالخارج إذا احتجت شيء يا صغيري."انسحب الجميع من الغرفة، مغلوبين على أمرهم أمام إصراره الصامت.
بقيت منى للحظات، تتردد عند الباب وهي تنظر إليه، ثم خرجت أخيرًا لتغلق الباب برفق.فتح يوسف عينيه بعد خروجهم، لتظهر الدموع التي كانت حبيسة تحت جفنيه.
رفع يده ببطء، يلامس اللاصق الطبي على جرحه، وكأن الألم الذي شعر به لا يأتي فقط من الجرح، بل من الذكريات التي استقرت في أعماقه.تذكر كيف كان فارس يقف أمامه، يصرخ بغضب، وكيف رفع يده ليصفعه قبل أن يدفعه بحدة.
كانت تلك اللحظة قاسية عليه، لا بسبب الألم الجسدي، بل لأن الشخص الذي تمسك به كمرساة في حياته بدا وكأنه يبتعد عنه.
أغمض يوسف عينيه بشدة، ودفن وجهه في الوسادة، كأنما يحاول الاختباء من العالم ومن نفسه.
اهتز جسده بالبكاء الذي كان يكتمه طوال وجود عائلته بجواره، صوت أنينه مكتوم، لكنه مليء بالحزن الذي لا يستطيع التعبير عنه بالكلمات.
بكى بشدة، كأنما يحاول غسل قلبه من كل ما حمله من ألم وخوف.يوسف كان يعيش صراعًا داخليًا معقدًا تجاه أخيه فارس.
في أعماق نفسه، كان يرى فارس شخص صلب وصارم، مملوء بغضب لا يستطيع التخلص منه. كان يوسف يشعر أحيانًا وكأن فارس يتعمد إيذاءه، كما لو كان يستهدفه بنوبات غضبه وكلماته القاسية.

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...