توجه يوسف بخطوات مترددة إلى المطبخ، حيث كانت والدته منشغلة بإعداد العشاء.
صوت تقطيع الخضار واحتكاك الأواني كان يملأ الأجواء، لكنه لم يبدد قلقها، فقد كانت تفكر في فارس طوال اليوم.
عندما شعرت بوجود يوسف، التفتت نحوه بسرعة وسألته بلهفة
"بني.... فارس... هل هو بخير؟"حاول يوسف أن يرسم ابتسامة على وجهه ليطمئنها، رغم أنه كان يشعر بخوف في قلبه. "بخير، بخير،"
قالها بصوت منخفض، لكنه لم ينجح في إخفاء توتره.لم تقتنع والدته تمامًا، فتقدمت خطوة نحوه "سأدخل إليه بالعشاء وأتحدث معه، ما رأيك؟" .
فوجئ يوسف بسؤالها، ورد بسرعة، وكأنه أراد منعها دون تفكير
"لا!"
ثم أدرك اندفاعه، فحاول أن يبتسم مرة أخرى، ليخفف من حدة رده.
"دعيني أنا أدخل أولاً...."نظرت إليه والدته بتردد وكأنها تريد الاعتراض، لكنها استسلمت عندما رأت إصراره.
"حسنًا".كان يوسف يشعر أن أخيه ليس بخير فخاف أن يكسر قلب أمهما مجددا .
.
.
.دخل يوسف إلى الغرفة بخطوات هادئة، يحمل بين يديه صينية العشاء.
كان قلبه مليئا بالقلق، لكن وجهه حاول أن يعكس ابتسامة خفيفة.
وجد فارس جالسًا على السرير، رأسه منحني، يمسك هاتفه.عينيه متجمدة على الشاشة وكأنها تتابع شيئًا مهمًا، رغم أن تركيزه الحقيقي كان في مكان آخر.
توقف يوسف للحظة، بجهد كبير، قرر يوسف أن يكذب مشاعره ويدخل بابتسامة مترددة
"اخي، أحضرت لك العشاء "قال بصوت مرح مصطنع، يضع الصينية على الطاولة الصغيرة أمام أخيه.
انتظر رد فعل، نظرة، أو حتى كلمة بسيطة، لكن فارس ظل كما هو، لا يحرك رأسه ولا يرفع عينيه.
مسح يوسف رأسه من الخلف، يحاول أن يهدأ ولكنه لا يستطيع.
تقدم بخطوات مترددة، كل خطوة تحمل تردد وخوف لا يوصف. وقف أمام فارس مباشرة"أخي..."
قالها يوسف بصوت مبحوح، وكأن الكلمة تخرج بصعوبة من حلقه الجاف.أغلق فارس عينيه لثوانٍ قصيرة، وكأن ما يخشاه على وشك أن يُقال. أخذ نفسًا عميقًا ورفع رأسه ببطء، نظراته ثابتة على يوسف.
"نعم؟"
قال بصوت هادئ.يوسف، وهو يضغط على طرف ملابسه بإحكام، عينيه تلمعان بالدموع التي تتردد بين النزول أو البقاء. برجفة واضحة في صوته
"هل...هل أصبحت تكرهني؟!"

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...