ينظر سعد إلى فارس بتردد قائلا
"لقد حان الوقت لتعرف الحقيقة كاملة يابني ."وقف فارس في مكانه للحظات، ملامحه مشوشة وحواسه مشتتة، كأنما يحاول أن يفهم شيئًا لم يستطع بعد استيعابه.
"حقيقة ماذا؟"
قال بصوت مبحوح، عيناه تتنقل بين سعد ومنى وكأنهما يحملان الإجابة.تقدم سعد بخطوات واثقة ولكنه لم يقل شيئًا، فقط أشار إلى المنزل قائلاً بهدوء
"سأخبرك، ولكن لندخل أولاً. هيا، يا بني هيا يا منى."امتثلت منى بصمت، تدخل المنزل بخطوات خفيفة، وعيناها تحاولان تفادي النظر إلى فارس.
أما يوسف، فلم يستطع تجاهل ارتباك أخيه. بخطوات مترددة، اقترب منه وأمسك بذراعه بلطف، نظر إليه بعينيه الممتلئتين بالرجاء وقال برجاء واضح
"هيا يا أخي، لندخل."جلس الجميع في الغرفة حيث كان التوتر لا يزال يخيم على الأجواء. منى جلست على الأريكة، ووجهها شاحب وقلقها واضح،
سعد، بملامحه الجامدة، جلس على كرسي بالقرب منها، واضعًا يديه على ركبتيه وكأنه يحاول كبح ما يشعر به من غضب أو خوف.أما فارس، فظل واقفًا، وكأنه يشعر أن الجلوس لن يكون كافيًا لتفريغ طاقته المتوترة.
يوسف، الذي يقف بجواره متشبثًا به كما لو أنه يخشى أن يبتعد عنه ولو لبضع خطوات.
كأن وجوده هو الشيء الوحيد الذي يمنحه الأمان بعد ما حدث.في زوايا الغرفة، كان بقية أفراد العائلة موزعين بصمت. همسات خافتة من البعض، ونظرات مترقبة من الآخرين، لكن لا أحد تجرأ على كسر هذا الهدوء المشحون.
"كنت رجلًا سيئًا في الماضي..."
قال سعد، عينيه مثبّتة على الأرض، كأنه يهرب من مواجهة أعينهم."لعبت القمار، شربت الخمر، وعاشرت النساء. وأمك، يا فارس، كانت تتحملني فقط لأجلك، رغم أني... كنت...كنت أضربها على كل شيء."
ارتعشت يد منى وهي تمسح دموعها، بينما كانت رحمة تربت على كتفها محاولة تهدئتها.
الجميع كان منصتًا بصمت، لكن فارس كان مختلفًا.
عيونه المثبّتة على سعد كانت مليئة بالغضب والانتظار، كأنه يعرف أن شيئًا كبيرًا على وشك أن يُقال.تابع سعد بصوت مكسور ونادم،
"لكن الأذى بدأ يطالك يا بني. أذكر اليوم الذي وجدت فيه أمك زجاجة خمري بين يديك، كنت في التاسعة فقط... أردت أن تجربها."ارتفع صوت سعد قليلًا مع اعترافه
"جاءت إلي في تلك الليلة وطلبت الطلاق."كان فارس يراقب كل كلمة، نظراته مشدودة وغاضبة. منى كانت تجهش بالبكاء.
يوسف، أمسك بذراع أخيه، يضغط عليها برفق، كأنه يستبق الغضب الذي سيظهر.

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...