في المطبخ ، حيث تنبعث رائحة طعام مطهو حديثًا، وقفت رحمة ترتجف قليلاً وهي تحاول التقاط أنفاسها بعد سقوط الكوب من يدها.
صوت الزجاج المتكسر كان كافياً لإثارة غضب جليلة، التي دخلت مسرعة، نظراتها غاضبة وكلماتها أشبه بسياط.
جليلة (بحدة):
"إلى متى ستظلين مهملة هكذا؟! كوب آخر في يومان؟ كم مرة سأتحمل فوضاكِ؟!"رحمة بصوت منخفض ومرتجف
"أنا آسفة، شعرت بدوار... لم أقصد."جليلة بسخرية
"دوار؟! ولماذا تشعرين بالدوار؟ تأكلين وتشربين بالمجان! لستِ في مجاعة حتى تبرري هذا الإهمال."في تلك اللحظة، ظهر حسن على عتبة المطبخ بعد أن سمع صوت الزجاج المحطم.
نظر بين الاثنتين بحزم وسأل بصوته الهادئ
"ماذا يحدث هنا؟"جليلة بصوت عالٍ
"رحمة أسقطت الكوب، وهذه ليست المرة الأولى! إنها مهملة."رحمة بصوت متقطع
"لم أكن أقصد... شعرت بالدوار فقط."اقترب حسن من المكان بهدوء، وركع ليجمع قطع الزجاج المتناثرة بيده دون أن ينتظر أحدًا. حاولت رحمة التقدم لمساعدته، لكنه رفع يده مانعاً إياها بنبرة حازمة لكنها دافئة
"اجلسي وارتاحي يا ابنتي ".جليلة، التي لم تخفِ استياءها، وقفت تراقب المشهد بازدراء قالت بلهجة حادة
"أنت تدللها كثيراً."رفع حسن رأسه ونظر إليها بعينيه الهادئتين،
لكنه حازم كعادته.
"إن كانت هذه هي طريقتي فأنا أتحمل مسؤوليتها، أنا أعتبرها ابنتي، وجميعنا نخطئ."كلماته كانت كافية لإخماد صوت جليلة، لكنها تركت المطبخ وهي تتمتم بغضب.
أما رحمة، فبقيت تنظر إلى حسن بعينيها المليئتين بالدموع، تشعر بالامتنان والحب لهذا الرجل الذي منحها إحساسًا بالانتماء والأمان في هذا البيت..
.
.
.دخل يوسف إلى غرفة أمه منى ليجدها جالسة على طرف السرير، ودموعها تنهمر بحرقة لا تستطيع إخفاءها.
تقدم بخطوات مترددة، ثم قال بصوت مملوء بالقلق:
"أمي... أخي لم يقصد."رفعت منى رأسها ببطء، تستمر في بكاءها وهي تقول بصوت ملئ بآلام
"ليس خطأه، يا يوسف....جرحه لم يلتئم بعد... بعد كل تلك السنوات. هو يراني مذنبة، وأعلم ذلك، ولكني لست بذلك السوء...لقد تحملت الكثير لأجله."اقترب يوسف منها وجلس بجانبها، يمسك بيدها بحنان، وقال برجاء:
"تحدثي معه يا أمي، لا تدعيه يبقى هكذا.
لا تدعي ظلامه يبتلعه..... مدي له يدك... إنه يحتاجك."

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...