دخل فارس غرفته بخطوات هادئة بعد منتصف الليل، جسده متعب وروحه مثقلة، ليجد يوسف مستيقظًا، عيناه تطالعان الباب بترقب وكأنهما تنتظرانه. رفع فارس حاجبه باستغراب وهمس: "لماذا لم تنم بعد؟"
يوسف، الذي كان جالسًا على السرير، أجاب بصوت خافت
"كنت أنتظرك."اقترب فارس ببطء، فنهض يوسف على الفور، وكأنه يبحث عن دور يقوم به ليساعده، فأخذ معطف فارس وبدأ بفكه برفق بسبب يد أخيه المعلقة في رقبته.
فارس، الذي لاحظ تلك الحركة، قال بصوت خافت، وكأنه يشعر بشيء في الأفق
"قل ما عندك يا يوسف؟"صمت يوسف للحظات، الحيرة بادية على وجهه، وكأنه يحاول أن يزن الكلمات. وأخيرًا، قال بتردد: "... أمي...اقصد امنا "
قبل أن يكمل جملته، قاطعه فارس بحدة واضحة، عينيه مشتعلة بنظرة صارمة
"ليست أمنا!"تراجع يوسف قليلاً تحت وقع الكلمات، بينما أكمل فارس بصوت أكثر صلابة، وكأنه يحاول إنهاء النقاش
"عليك أن تعتاد على هذا... هي مجرد لاجئة... سأحميها فقط، ثم ينتهي الأمر وترحل."ابتلع يوسف كلماته وهو ينظر إلى أخيه، الخيبة ترتسم على وجهه، لكنه لم يجد الجرأة لمواصلة الحديث.
أخذ فارس نفسًا عميقًا ليكمل بحزم:
"ولا دخل لك بهذا. انتهى الموضوع."في تلك اللحظة، بدا العالم وكأنه يضيق حول يوسف.، عينيه امتلأتا بالدموع، وهو ينظر إلى فارس، لا يصدق الكلمات التي خرجت من فمه. "ماذا تقول يا أخي؟ إنها أمي! أمي! كيف تقول ليست أمنا؟"
كانت كلماته تتردد بصوت مهتز، كأنها محاولة يائسة لتغيير الواقع القاسي الذي فرضه فارس عليه.
فارس، ببرود وصوت مملوء بالصرامة، كرر كلماته دون تردد
"ما سمعته يا يوسف... عليك أن تختار أنا أم تلك المرأة."شعر يوسف وكأن قلبه قد توقف للحظة، ثم تسارع نبضه بشكل مؤلم.
"م....ماذا اذا تقول أنت؟!!!! كيف تطلب مني هذا؟ إذا هي أخطأت، اذهب إليها، تحدث معها، اسألها لماذا رحلت. لكن ما تفعله الآن... هذا ليس عدلًا، يا أخي!"
كان صوته مليئًا بالحزن والرجاء، يحاول أن يصل إلى قلب أخيه.لكن فارس لم يتحرك، عيناه الباردتان تحدقان في يوسف وكأنهما جدار لا يمكن اختراقه.
"أنا أم هي!؟"قالها فارس مرة أخرى، بصوت أقسى هذه المرة، وكأن الكلمات نفسها كانت خنجرًا يطعن بهما معًا.
يوسف، في حالة من الفزع واليأس، اقترب خطوة نحو أخيه، يمد يده وكأنه يحاول الإمساك به قبل أن يضيع منه.
"أرجوك يا أخي، أتوسل إليك. لا تضعني في هذا الموقف. أنت أخي، سندي، وأماني... وجدتك أخيرًا، بعد كل هذا العذاب. لكنها أيضًا أمي، روحي وحياتي. كيف تخيرني بينكما؟"

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...