لم أعد وحيداً

655 57 101
                                    

في ظلام الليل الحالك، حيث لا يقطع السكون سوى أصوات خطوات مسرعة على الأرض الباردة، كانت منى تركض بكل ما أوتيت من قوة. أنفاسها متقطعة وصدرها يعلو ويهبط بعنف، لكن الخوف الذي يسيطر على قلبها كان أقوى من أي تعب جسدي.

فلاش باك
داخل القصر، كان زوج الخادمة يتحدث مع الحراس، يمزح معهم بصوت عالٍ ليشغلهم. أعينهم كانت تتابع حديثه وضحكاته، غير مدركين أن الخادمة تتسلل داخل أروقة القصر المظلمة.

كانت تعرف الطريق جيدًا، خطواتها حذرة وسريعة، حتى وصلت إلى الغرفة حيث كانت منى مقيدة.

الخادمة بصوت هامس ومضطرب:
"سيدتي! أنا هنا... تعالي، سأفك قيدك!"

رفعت منى رأسها بعيون يملؤها الذهول والخوف. لم تصدق أن الخادمة تقف أمامها.
دموعها بدأت تتساقط بغزارة وهي تهمس: "أرجوكِ... أرجوكِ أخرجيي من هنا."

بسرعة وبراعة، فكت الخادمة وثاق منى وأمسكت بيدها قائلة
"تعالي، علينا الإسراع قبل أن يلاحظنا أحد."

خارج القصر، كان زوج الخادمة يشعر بالضغط مع زيادة أسئلة الحراس، لكن مهارته في التمثيل وإطالة الحوار أبقته في السيطرة.

نهاية الفلاش باك

  منى كانت تركض دون أن تنظر خلفها، كل خطوة تبعدها عن القصر كانت بمثابة انتصار صغير، ولكنها لم تكن تعلم إلى أين تذهب.

شعرت أنها تائهة في عالم مجهول، لكن الشيء الوحيد الذي عرفته هو أنها يجب أن تبتعد قدر المستطاع.

الهواء البارد كان يلسع وجهها، والظلام كان يبتلع كل شيء من حولها.
لم تستطع التفكير، كل ما سيطر عليها هو رغبتها الشديدة في الهرب.
.
.
.
.
.

بعد يومين، غادر فارس المستشفى أخيرًا، عائدًا إلى منزل العائلة.

كانت الرحلة قصيرة لكنها بدت وكأنها طويلة ليوسف، الذي لم يفارق فارس لحظة واحدة في الأيام السابقة.

بمجرد أن توقفت العربة أمام المنزل، ركض يوسف بسرعة نحو الباب وفتح العربة، ممسكًا بذراع فارس ليساعده على النزول، عيناه مليئتان بالقلق والحرص.

في الباحة الأمامية، كانت جليلة تنتظر مع بقية العائلة، بابتسامة متصنعة على وجهها وهي تقول بصوت مفعم بالاهتمام الظاهري
"الحمد لله على سلامتك يا بني."

أما ياسر، الذي وقف بجانبها بتردد، نظر إليه حسن بجانبه، ليتلقى منه نكزة خفيفة على كتفه كإشارة ليقول شيئًا، تلعثم ياسر قبل أن يتمتم ببرود
"من الجيد أنك بخير."

بين العدو والأخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن