←العودة→

64 32 5
                                    


"لا تحمل رياح ماردين الغبار فقط، بل تعيد معها حكايات قديمة طواها النسيان، وجروحًا اعتقدنا أنها اندملت."

في غرفة صغيرة على طراز إيطالي ، كانت  نوفا جالسة على حافة السرير، تنظر إلى شوارع المدينة البعيدة عن وطنها. الزحام في الخارج كان يذكرها بالهدوء الذي كانت تظن أنها هربت منه. منذ سنوات قررت الابتعاد عن **ماردين**، وبدأت حياة جديدة في إيطاليا مع والدتها نرجس، بعيدًا عن كل ما كان يربطها بتلك العائلة.

جاء الخبر فجأة،  رن هاتفها المحمول ، وعندما أجابت، كان الصوت في الجهة الأخرى متوترًا: 

- "نوفا، والدك أصيب في الحفل... لقد تعرض لإطلاق نار... في حفل زفاف شقيقتك."

كان قلبها يخفق بشدة. حتى أن الكلمات لم تستطع الوصول إلى عقلها بشكل كامل. حادث؟ إصابة؟ كان كل شيء غامضًا،

بعد أن انتهت المكالمة، وقفت لبرهة أمام النافذة، تتأمل المدينة الصاخبة التي اعتادت عليها. كانت تشعر بألم في صدرها. العودة إلى ماردين تعني العودة إلى الماضي الذي حاولت الهروب منه طوال حياتها. لكن الأخبار عن والدها، وعلاقته بالعائلة، جعلتها تفكر مليًا.

اتجهت إلى غرفة والدتها نرجس. كانت والدتها تجلس على الأريكة، وفي عينيها انعكاس القلق الذي لم تفارقه أبدًا.

"أمي، لقد حدث شيء...حسنا...القصة كالتالي  والدي أصيب في حفل، العديد من الأشخاص ماتوا، وأنا... لقد طلبوا أن أعود إلى ماردين..الي عائلة أل***." قالت نوفا بصوت خافت، محاولًة إخفاء التوتر الذي يعتصر قلبها.

حدقت نرجس ببنتها ، ثم قالت بصوت هادئ لكنها مليء التوتر : 
"هل ستذهبين؟ إذا سترجعين إلى مسقط رأسك؟"

ابتسمت نوفا، محاولة أن تبدو غير مهتمة بالأمر. 

"طبعًا لا، ما شأني بهم؟ هل أنا من أقوم بأعمالهم الإجرامية؟" قالت  ملوحة بيدها في محاولة للتقليل من أهمية الموضوع.

لكن نرجس أوقفتها، ونظرت إليها بعينين مليئتين بالجدية والقلق، وقالت بصوت عميق:"لكن ماذا سيحدث لإخوتك؟ والدك على فراش الموت، اذهبي، اخاف ان تندمي يا عزيزتي.. "

نوفا كانت تقف هناك، تنظر إلى والدتها التي ابتعدت عنها قليلاً، وقد شعرت بثقل الكلمات التي قالتها.

"أنا لا أعرف شيء عن عائلة   آل أصلنلار تلك. " قالت نوفا بصوت مرتعش، "حتى وجه أبي نسيته، وأنتِ تقولين لي اذهبي؟"

أخبريهم يا ماردينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن