فارس، الذي كان يشعر بالقلق الشديد على يوسف، نظر إليه لفترة، ثم هز رأسه، وأدرك أنه لن يتركه هنا وسط كل هؤلاء المتربصين له."لن أتركك هنا وحدك هذا الاسبوع ... هؤلاء لن يتركوك...جهز نفسك للسفر غداً."
يوسف، الذي كان في البداية يتصنع القسوة ليخفي ما في قلبه، شعر بشعور غريب من الراحة.
لم يستطع إنكار أنه في قرارة نفسه، كان سعيدًا بقرار فارس. فمهما حاول أن ينكر، فقد بدأ يشعر أخيرًا بالأمان في وجوده، وهو الذي لم يعرف الأمان منذ وقت طويل.
عاد فارس بعد قليل وهو يحمل في يده مرهمًا للحروق، واقترب من يوسف قائلًا بهدوء:
"أعطني يدك لأضع المرهم."لكن يوسف، كعادته، رفض بعناد وهو يقول:
"سأهتم بالأمر بنفسي."أخذ يوسف المرهم منه وحاول فتحه بصعوبة،
ثم حاول وضع القليل منه على يده المصابة.ولكن، نظرًا لأن يده المصابة كانت اليمنى، لم يتمكن من التعامل بسهولة باستخدام يده اليسرى.
لاحظ فارس معاناته فأخذ المرهم منه برفق قائلاً وهو يهمهم بنبرة تمزج بين العتاب والمزاح
"أنت عنيد مثلي تمامًا"ابتسم يوسف بخفة، وكأنه اعترف ضمنيًا بما قاله فارس، وشعر بشيء من الارتياح.
جلس فارس بجانبه، وبدأ بوضع المرهم بلطف على معصمه وكف يده.
كان ينفخ على موضع الحرق برفق ليخفف الألم، وعيناه مركزتان على المهمة.أما يوسف، فكان يراقب فارس بصمت.
عيناه مملوءتان بمشاعر مختلطة، تتمنى أن يثق في هذا الأخ الذي يحاول الاعتناء به.
لكنه في أعماقه كان يخاف من خيبة الأمل مرة أخرى، لذا ظل حذرًا.شعر فارس بنظرات يوسف، لكنه لم يقل شيئًا. فقط أكمل مهمته بهدوء، وكأن كل حركة منه كانت تؤكد ليوسف أنه ليس وحده، وأن هناك من يعتني به بصدق.
.
.
.
.
.
في الصباح، وبينما الجميع يتناول الإفطار، فاجأ فارس الجميع بإعلانه أنه سيأخذ يوسف معه خلال هذا الأسبوع. كانت دهشة العائلة واضحة، خصوصًا ياسر الذي شعر بخيبة أمل، فيما بقي يوسف صامتًا لا يبدي أي رد فعل، لكن في داخله كان متوترًا وسعيدا في آن واحد.
ركب يوسف السيارة بجانب فارس، وبقي الاثنان في صمت مطبق.
الجو كان ثقيلًا، وكل منهما غارق في أفكاره. يوسف كان يسترجع كل ذكرياته في الشقة التي شهدت خداع فارس له سابقًا، وكلما تذكر ذلك شعر بحزن وألم أكبر من شعوره بالغضب.

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...