تذكرت ولن أُسامح

634 48 66
                                    

همّ يوسف بالتحرك، لكن فارس لم يتحرك من مكانه، بل وضع يده أمامه ليمنعه من المرور.
"لن تخرج من هنا."

توقف يوسف، وأدار وجهه نحوه بابتسامة ساخرة مليئة بالمرارة:
"ولماذا؟ هل أصبحت تهتم فجأة؟ أم أنك تخشى أن يحصل لي مكروه، ويؤثر ذلك عليك؟"

ضغط فارس على أسنانه، محاولاً التماسك أمام كلمات يوسف التي كانت كالسكاكين، ثم قال بصوت هادئ لكنه مشحون بالغضب المكبوت:
"حياتك في خطر، وهناك من يريد إيذاءك. لن أدعك تخرج هكذا."

ضحك يوسف بسخرية، وأجاب بينما يشير إلى نفسه:
"وهل يهمك ذلك حقاً؟ "

ثم اقترب من فارس قليلاً، ونظراته متحدية، وقال:
"ثم إذا كنت قلقاً لهذا الحد، لدي حل بسيط: أخرج هاتفك الآن، وسجل اعترافي. سأقول كل شيء، وإن حدث لي مكروه، سيكون لديك الدليل. هكذا لن تقلق على حياتي."

تصلّب وجه فارس للحظات، وشعر بداخل قلبه طعنة أخرى من كلمات يوسف.
كان يعرف أن تلك السخرية ما هي إلا قناع يخفي به يوسف ألمه، لكنه لم يكن مستعداً للوقوف مكتوف الأيدي.

اشتعلت نيران الغضب في عيني فارس، لكنه بذل جهداً جباراً لضبط أعصابه، ثم قال بصوت غاضب لكنه منخفض:
"يوسف، لا يهمني أي اعتراف الآن! الشيء الوحيد الذي يهمني هو حياتك، وهي في خطر.
افهم ذلك جيداً."

أجاب يوسف ببرود وسخرية واضحة، بينما ينظر إلى فارس بنصف ابتسامة مستفزة:
"اللجنة رحلت، سيد فارس. ألا ترى؟ انتهى كل شيء.
لماذا القلق الآن؟"

ارتبك فارس وهو يحاول منع يوسف من الرحيل، وقال بصوت متوتر لكنه حازم:
"يوسف، قلت لا رحيل الآن! الأمور لم تنتهِ بعد."

مد فارس يده وحاول سحب الحقيبة بالقوة، لكن يوسف تمسك بها بشدة، مصراً على رفضه.

اشتد الصراع بينهما، وحاول يوسف أن يشد الحقيبة نحوه بعزم، لكنه لم يكن بقوة فارس الذي استطاع أخيراً انتزاع الحقيبة منه.

ترك يوسف الحقيبة فجأة، وعيناه تشتعلان بالغضب، ثم استدار واندفع نحو الباب ركضاً دون أن ينظر خلفه.
صرخ فارس بغضب:
"يوسف! توقف!"

ولكن يوسف لم يتوقف.
اندفع خلفه فارس بسرعة، يلاحقه بقلق يتزايد مع كل خطوة.

لم يكن فارس وحده؛ لحق به نور وفؤاد، بعدما شهدا المشهد وتبادلا نظرات القلق.

صوت خطواتهم المتعجلة ملأ الممر، ونادى نور بصوت مضطرب:
"يوسف! انتظر، لا تفعل هذا!"

أما فؤاد، فقد ركض بكل ما أوتي من قوة، محاولاً اللحاق بيوسف الذي بدا وكأنه يهرب من كل شيء، ليس فقط من المنزل.

بين العدو والأخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن