مَن يوقف جليلة!؟

617 31 80
                                    


دخل فارس إلى قسم الشرطة بخطوات واثقة وسريعة، وخلفه يوسف يجرّ قدميه ببطء،  كان واضحًا أنه بالكاد يستطيع السير بسبب الألم، لكن لم يكن أمامه خيار سوى اللحاق بفارس الذي لم يُلقِ له بالاً.

بمجرد وصولهم إلى مكتبه، أشار فارس بحدة إلى كرسي في زاوية الغرفة وقال بنبرة صارمة: "اجلس هنا، ولا تتحرك من مكانك."

كان صوته مليئًا بالغضب، وكأنه يحاول كبح غضب أكبر، ليجعل يوسف يشعر بالتهديد من أي حراك إضافي.

جلس يوسف بتثاقل، ورفع قدمه المتألمة قليلاً ليحاول تدليكها، رغم الأصفاد كانت تضغط بقسوة حول معصمه، مما زاد من حدة الألم.
كان بالكاد يستطيع تحريكها، ووجهه يعكس ألمًا يكاد يخفيه دون جدوى.

وقف فارس مع حسام في الممر خارج المكتب، يتحدث بصوت خافت وحازم
"سأذهب إلى المدينة لبعض الأمور، وسأعود صباح الغد، يوسف بأمانتك هنا حتى أعود."

هزّ حسام رأسه بتفهم، وعيناه تلمعان بتساؤلات لم يُفصح عنها.

دقائق قليلة مضت قبل أن يفتح حسام الباب ويدخل المكتب.

نظر إلى يوسف، الذي كان جالسًا بتعبٍ واضح، وعيناه تجولان في الغرفة بعدم اكتراث، وبدت عليه ملامح الإنهاك الشديد.

تفاجأ حسام عندما رأى حال يوسف، إذ كان لا يزال يرتدي نفس الملابس التي ظهر بها منذ اعتقاله، وقد تلطخت بالدماء والأتربة، والشعر يعلوه غبار الطريق، بينما قُيّدت يديه بشدة.

نظر حسام إلى يوسف بلطف وسأله بصوت هادئ "هل أنت جائع؟"

تردد يوسف للحظة، غير معتاد على هذا الأسلوب، وأومأ برأسه موافقًا، كانت عيناه تلمعان بتعجب، إذ لم يتوقع معاملة طيبة في مثل هذا الموقف.

خرج حسام وعاد بعد دقائق يحمل صينية تحتوي على بعض الطعام وكوب من العصير، وضعها أمام يوسف بابتسامة مشجعة.

شعر يوسف بنوع من الراحة؛ لم يأكل وجبة جيدة منذ فترة بسبب كل ما مر به من أحداث.

جلس حسام بجانبه، ثم طلب منه أن يمد يده لفك الأصفاد حتى يستطيع الأكل براحة.
ظهرت لمعة من السعادة في عيني يوسف، ولكنه تردد فجأة وتراجع، متذكرًا غضب فارس المتوقع إذا علم أنه فك قيده.

ابتسم حسام بلطف وقال مطمئنًا
"لا تقلق، سأخبر فارس أنني أنا من فك الأصفاد، ولن يقع عليك اللوم."

نظر يوسف إلى حسام برهة أخرى، ثم مسح على يديه المتألمتين، من أثر الأصفاد، ثم بدأ بتناول الطعام ببطء.

بين العدو والأخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن