خطة جديدة

647 30 53
                                    

في إحدى الحدائق، كان فارس جالسًا وحده، يحاول كبح مشاعر الحنين التي اجتاحته بينما ينظر إلى شاشة هاتفه، واسم "سلمى" يلمع أمامه.

تردد للحظة، لكن في النهاية ضغط على زر الاتصال، وكأن هذا الاسم هو الوحيد الذي يملك القدرة على تخفيف عبء الحياة عن كاهله.

في مكان آخر، كانت سلمى مع جدتها العجوز، التي كانت تجلس أمام مائدة الطعام المتواضعة، مبتسمة رغم تجاعيد وجهها التي تحكي قصص الزمن.

كان فارس هو المكالمة التي تنتظرها سلمى، فابتسمت عندما رأت اسمه يظهر على الشاشة.

وضعت طبق الطعام أمام جدتها برفق، وبصوت مرتفع نوعًا ما كي تسمعها، قالت:
"تفضلي يا جدتي، تناولي طعامك ببطئ، أنا سأجيب على الهاتف."

ثم خطت خارج الغرفة بخفة، وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تجيب، محاولًة أن تخفي خفقات قلبها التي تسارعت فور سماع رنين الهاتف.

ابتسمت سلمى كعادتها عندما ردت على المكالمة، قائلة بمزاح لطيف:
"أخيرًا تذكرت أن لك خطيبة!"

ولكن سرعان ما تبدلت ابتسامتها بقلق عندما
لاحظت اختناقًا في صوته، فسألته بقلق:
"فارس، ما بك؟"

تردد فارس للحظة، ثم ردّ محاولًا أن يبدو طبيعيًا: "لا شيء، فقط أردت سماع صوتك."

لم تصدق سلمى ذلك، فهي تعرف فارس جيدًا وتعلم كيف يخبئ مشاعره.
دفعها هذا لتشجيعه قائلة بنبرة حنونة:
"أعلم أن هناك شيئًا يؤلمك، فارس. تذكر، يمكنك دائمًا أن تفتح قلبك لي."

ترددت سلمى قليلًا قبل أن تسأله:
"هل للأمر علاقة بوالدتك؟"

صمت فارس للحظة، مغلقًا عينيه وكأنها قد كشفت ما كان يحاول دفنه في قلبه.
وأخيرًا تحدث بصوت مليء بالمرارة:
"سلمى، اكتشفت أن لدي أخًا... أخًا تركتني أمي من أجله.
تزوجت وأنجبت ابنًا آخر، اهتمت به وربته بيديها، وتركتني أنا لأواجه الدنيا وحدي. وحتى الآن، كانت تسأل عمي عني من حين لآخر، كأنها بذلك ترضي ضميرها."

توقفت كلماته للحظة وهو يكمل بصوت أثقل: "تخيلي، الآن يُطلب مني حمايته... حماية عدوي ولكنه عدو من نوع اخر

'يبتسم بالم مكملاً '

اخي العدو... وكأنني يجب أن أحمل عبء حياة أخرى، كل ما أريده هو أن أصرخ في وجهه وأخبره أنني عشت ما لا يقدر عليه.

كل ما أريده هو أن أخنق الألم داخلي، لكني لا أستطيع... فكل ما أراه أمامي هو ابن المرأة التي نسيتني واهتمت بغيري."

بين العدو والأخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن