قطب رئيس حاجبيه وقال ببرود لا يرحم: "من يوسف؟!."
تسمرت منى في مكانها، ويدها ترتفع ببطء لتغطي فمها من هول ما تسمع.
كانت غير قادرة على استيعاب كلامه، وكأنها تسمع كلمات غريبة لا تنتمي لهذا العالم.
.
.
.
.
.
.
في مركز الشرطة، داخل غرفة التحقيق الضيقة، جلس يوسف على الأرض، منهارًا كليًا، والغبار يغطي ملابسه، وعيناه العسليتان الواسعتان تبدوان شاردتين بصدمة.كان يحتضن ركبتيه بيديه ، بينما ينظر بحيرة وذهول إلى آثار دماء فادي التي تلطخ يديه وقميصه الأبيض. بدا كطفل ضائع، ملامحه تحمل علامات الذعر.
وفجأة، فُتح الباب بقوة،وقف فارس وخلفه حسام الذي قال بهدوء
"سيدي الفتى مصاب ويبدو أنه مصدوم، اعتقد انه يجب أن تستدعي الطبيب اولا "ليقل فارس بغضب
"لا يا حسام ..انا متاكد انه يعرف كل شئ أو على الأقل شاهد على ما حدث " .دخل فارس ببروده المعتاد رغم وجهه الذي يشع تعبًا وإرهاقًا، لكنه كان يحاول التحامل على نفسه. ظل يحدق في يوسف طويلاً، ثم تقدم نحوه ببطء، قائلاً بحزم
"قف."لم يتحرك يوسف، ولم يبدُ عليه أنه سمع أوامر فارس. كرر فارس بصوت أعلى وحازم:
"قلت لك قف!"لكن يوسف ظل صامتًا، وكأن صوته قد سُلب منه. بدأ فارس يفقد صبره، فتقدم باندفاع، أمسك بياقة يوسف، ورفعه بقوة صارخًا:
"إذا قلت لك قف، قف… مفهوووم؟"رغم ارتجاف يوسف واضطرابه الشديد، لم ينطق بكلمة، وعيناه المتعبة تحمل ألمًا لا يوصف.
دفعه فارس بعنف نحو الحائط، مكررًا بصوت أقوى: "مفهوووم!!!؟"بدأ يوسف يتمتم بكلمات بصوت منخفض، بالكاد مسموعة. تعجب فارس، متسائلًا:
"ماذا تقول أنت!؟"يمسك فارس بفكه بقوة صارخاً
"عندما أتحدث معك تنظر إلي...انننننننظر".رفع يوسف عينيه الدامعتين ببطء،وبصوت متهدج وكأنه لا يصدق ما يقول:
"قاتل... أاا...انت ق...قااتل... قتلت ص...صديقي... قاتل..."ثم صرخ فجأة وبألم عميق:
"قاااااتل!"ارتبك فارس للحظة، ثم رد بانفعال وصوت عالٍ: "ماذا تقول، يا هذا؟! قُتل ستة رجال شرطة لديهم عائلات بسبب والدك اللعين!"
لكن يوسف لم يتوقف، ظل يكرر بضعف وحزن: "قاتل… فادي مات… أنت قتلته…"
تدخل الضابط حسام، وقال بصوت هادئ محاولًا تهدئة فارس:
"سيدي، اتركه… يبدو أنه ليس في وعيه. دعه يهدأ قليل ثم أكمل التحقيق فيما بعد".

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...