في المساء، جلس فارس مع سلمى في أحد المطاعم، وهو يتحدث عن تفاصيل مهمته الجديدة.
كانت عيناه تلمعان بينما كان يروي كيف تأكد أن رئيس يستغل الأفراح والمناسبات لتهريب السلاح، وأن لديه حفلًا قريبًا قد يشكل فرصة مناسبة للإيقاع به.
لاحظ فارس أن سلمى لم تكن تبدي اهتمامًا، بل كانت جالسة بملل، تضع يديها تحت ذقنها وتنظر إليه دون تفاعل. توقف فجأة وسألها باستغراب: "ما بكِ يا سلمى؟ أبدو كأني أتحدث لنفسي!"
نظرت إليه بتنهيدة وقالت
"لقد مللت، فارس. كل أحاديثك عن الشرطة والتحقيقات."حدق فيها بارتباك مشوب بالغضب، وقال بتجهم: "أنا لا أجيد سوى هذه الأحاديث، وانت تعلمين هذا."
ضحكت سلمى، وأجابته بلهجة ساخرة وابتسامة: "أجل، أنا الذي أعرف ذلك، ثم انظر إلى عبوسك.. ما هذا!؟. يبدو أنك طفل كبير يا فارس."
لم يُعجب فارس بتلك المزحة، وقرر النهوض بنوع من الجدية المكابرة. لكن سلمى اعتذرت سريعًا، ممزوجة اعتذارها بضحكة
" حسنا حسنا لا تغضب ....هيا اجلس لن اضحك... انظر"
لتدعي العبوس ... مما دفعه للجلوس مجددًا رغمًا عن مضضه.أكمل حديثه بجدية واضحة:
"سأسافر إلى قريتي لعدة أسابيع لإتمام المهمة." لكن هذه المرة، لم يكن رد فعل سلمى ضحكًا، بل ظهرت علامات الغضب على وجهها.حاول فارس تلطيف الجو، مشيرًا بخجل مميز إلى أنه لا يريد أن تتضايق من عمله، وقال بكبرياء مكبوت:
"سأكون هنا قريبًا، وسأعوضكِ عن كل شيء."استمرت سلمى في تجاهله للحظة، ثم أخيرًا ابتسمت وقالت بمرح مشاكس
"حسنًا، على شرط! أن ترد على اتصالاتي مهما كان الوقت."هز رأسه، مستسلمًا لضوئها الذي يخفف عنه توتره، وقال بابتسامة خفيفة:
"حسناً."
.
.
.
.
.
في بيت العائلة الكبير، اجتمع الجميع حول طاولة الطعام. حسن جلس بهدوء على رأس الطاولة، يراقب عائلته بانتباه.كانت رحمة، زوجة ابنه الأكبر فؤاد، توزع الطعام في الأطباق بابتسامة هادئة.
رفع حسن يده ليقول لها بلطف:
"اجلسي يا ابنتي، يكفي هذا. دعي الطعام واستريحي."لكن قبل أن تجلس، تدخلت جليلة، زوجة حسن، بنبرة صارمة:
"دع الأمور كما هي، لا تتدخل في نظام البيت."امتعض حسن وابتلع رده، ملتزمًا بالصمت كما اعتاد، وعاد ينظر إلى الطاولة وإلى أفراد عائلته.

أنت تقرأ
بين العدو والأخ
Short Story((مكتملة)) بدأت ٢٠٢٤/١١/١٩ انتهت ٢٠٢٤/١٢/٣١ في قلب صراع عائلي معقّد ومشحون بالأسرار والمشاعر المتناقضة، تقف العلاقة بين فارس ويوسف كأعمدة متشابكة، تحمل أعباء الماضي وآلام الحاضر. فارس، الرجل القوي والبارد الذي خذلته الحياة وأفقدته الثقة بكل من حوله...