ذات العينين الفيروزتين

327 15 38
                                        

انْتَبَرَت ديباجة لورين بالبرق و جحظت أعيونها بالذهول ، حتى لم يعد مستقر بوجهها لم يمكث به التفاجؤ، همت بها الصدمة تعصف بأركان جسدها جعلت من ضخات قلبها تعلو بسرع، و إرتعشت يديها التي تقبض بكلالة على مفرشها بمشاعر لم تدرك ماهيتها، دواخلها قد اشتبكت في كومة من مشاعر مختلطة بين الخوف و الصدمة، و ربما السعادة

لم تكن تفقه على ذاتها هل هي في غبطة لإنجابها لفتاة؟ أم في خيبة لأن الرب لم يستجب لدعاءها ؟، كل ما كان يرن على مسامعها هو كلمات كانديس "إنها فتاة" التي خسفت بها إلى الدَّرْك الأسفل، كحلت معالمها بالصدمة التي لم تقدر روحها أن تتحملها، سكون عم بأركان دواخلها و بدت كأنها رميت إلى مواقد الجحيم، الدموع قد إعتلت جفونها محمرة إلا أنها ظلت حبيسة لم تتحرر على وجنتيها، شفتيها كانت ترتعد برعشة لم تفقه هل هي رعشة خوف أم إنشراح، كانت بمتاهة مغلقة تجعلها تغرق في بقاع عميق عمقها، تارة تشعر بلذة اليسر و تارة تشعر بلذة العسر

هل هي فارحة بما أتاها أم في غم مما جاءها ؟

من لما فَطِنَت على حملها كانت تقضي لياليها تصلي للرب و تناجيه بأن يأتيها بولد عسى أن يطمئن فؤدها و لا تحمل هم مستقبله، فكاهلها لم يعد بوسعه تحمل هواجسها على بناتها التي تمرض خاطرها و تفتت شتات فكرها، فبالنسبة لها أن تجنب ولدا خير لها من أن تنجب أنثى، و للقرية الذكر خير من الأنثى

شدت بقضبتها على غطاء سريرها حتى برزت عروقها تنبزغ على ظهر يديها، و هي تبصر كانديس تتقدم ناحيتها ببسمة منشرحة تشق ثغرها و دموع تنساب على حنكها دون توقف، مدت إليها كانديس المولودة التي أبى فوهها و أعرض عن إمساك على البكاء، إلا أن لورين كانت تتطلع على أديم إبنتها دون أن تحرك ساكن، و كأنها لا تود أن تحتضن صغيرتها إلى كنف ذراعيها، و كأنها خطيئة و الخطيئة لا تضم الطُّهْر، و كأن يديها ملطخة بالمأثم و المأثم لا يمس العفاف

و حينها قد أيقنت على قرارة نفسها و وشمت على روحها أن الخطيئة باتت تكسوها كما يكسو اللحم العظم، فأي شيء سيأتي منها سيكون إلا خطيئة و أي شيء ستلمسه سيتدَنَّس بالخطيئة، و ما أوحت لها نفسها من معتقدات سوداوية تجلد بها ذاتها دعتها أن تأبى من أن تحتضن مولودتها، بل لفت مطلعها إلى يسارها و الدموع قد إنجرفت على خذيها، و أي لذة سعادة اعتلتها قد إبتلعها يأسها و وزرها الذي تعاظم على دواخلها

و حينها لم يتبقى سوى الحقر و الذنب ما يطوف على خوالجها، الشعور بالإشمئزاز من نفسها قد كان كنصل السيف ينغرز على لحم قد إنسلخ منه جلده، شعورها بأنها مجرمة قد أجرمت في حق إبنتها الثالثة و أنجبتها لهذا الجحيم قد ألقى بها إلى ضائقة ضيقت قلبها حتى أوشك أن ينفجر من الأسى و الغم، أعيونها قد تَوَلَّى بهم الخزي فلم يقدروا على أن ينظروا إلى وجه رضيعتها، كشعور المذنبة النادمة التي لا تقدر على أن تنظر في وجه ضحيتها

لأجليOù les histoires vivent. Découvrez maintenant