راقداً على السرير يتحدث فى هاتفه بنرفزه وبجانبه الحارس الشخصى ( إنت تجيبهوملى من تحت الأرض.. سامعنى )

إستمع لصوت الأخر يرد عليه بحده ( خد بالك من كلامك يا نصار أنا محدش يأمرنى متنساش نفسك.. قولتلك هرجعها)

إعتدل يسند ظهره على المخدة خلفه قائلاً بحدة ( هستنى أشوفك هتعمل إيه.. عيد ميلادها كمان أسبوع أنا وإنت مستنيين اليوم دا بقالنا سنين، فلو ملقتهاش قبله.. ملكش جواز منها وأنا هرجعها بطريقتى )

وصله صوت تكسير عند الطرف الأخر صوته يعلو بغضب ( دا مش بمزاجك.. هتجوزها غصب عنك، متخلنيش أقلب عليك يا نصار )

ألقى الهاتف بجانبه عندما أغلق الأخر الخط، فمد الحارس يده ملتقطاً الهاتف ووضعه فى جيبه، وأغمض الأخر عينيه يلعنها ويلعنه بداخله..
..................................
فى شقة تطل على البحر

يجلس مازن يدخن سيجارة ناظراً أمامه بشرود، يحاول السيطرة على الصراع بداخله، يحاول طرد شكلها من أمامه وهى تبكى، متذكراً لمحات متداخلة مع شكلها لأخوه وهو يصرخ بأعلى صوته جسده ينزف من كل مكان..

إنتفض على أثر يد وُضعت على كتفه، فرفع رأسه ناظراً لصديقه الذى جلس بجانبه يسأله ( مالك.. كنت بتفكر فى إيه )

أبعد عينيه عنه ناظراً أمامه مرة أخرى، وسحب نفس من سيجارته قائلاً ( مفيش )

هز شريف رأسه بقلة حيلة، يعلم أنه مهما فعل سيظل صامتاً قائلاً ( هنفضل هنا لحد إمتى عدى 3 أيام والبنت لوحدها..والأكل اللى سيبته أكيد خلص )

ألقى مازن نظرة عليه ثم أعاد نظره للبحر أمامه قائلاً وهو ينفث دخان سيجارته ( مش هتموت من الجوع يعنى متقلقش..شويه وهنمشى )
............................

هل سبق أن شعرت بأنك مُعلقاً فى الهواء، كأن الجاذبية تخلت عنك، تتراطم الأشياء بك وما من طريقة تنظم كل الأشياء من حولك، فتمسك بشئ يرتطم بك غيره، تحاول التخلص منه فتجد شيئاً أخر يهوى نحوك..

هل سبق أن تلعثم الكلام فى فمك، وتشابكت الأفكار فى رأسك، للدرجة التى تشعر بها بأنك لو صرخت لساعات طوال سيبقى صوتك راكداً لن يسمعه أحد غيرك، تماما كمحاولة إستفاقتك من كابوس أنت عالق به، لكن دون أى جدوى، هكذا كانت سيلين..

نائمة على السرير منذ ثلاثة أيام لا حول لها ولا قوة، تشعر بأنها تتلاشى، منذ مدة لم يعصف بها الألم بهذا الشكل، تحاول التماسك من أجل قطتها، لكن تشعر بأن داخلها مصاب بالشلل، جسدها يمزقها، وجهها يغرقه العرق، تشعر بالوخز فى كامل جسدها، لا قدرة لها على التحدث، الصداع يحتل رأسها، تنظر حولها بضياع..

شعرت بقطتها تتحرك تعلم أنها جائعة مثلها، حاولت القيام لكن جسدها يأبى التحرك، تشعر بتخدر رجلها.. ظلت تحاول حتى سقطت مرتطمة بالأرض فتأوهت بألم، لا تستطيع الوقوف..

عضت شفتها تزحف أرضاً تحاول السيطرة على تنفسها، هزت رأسها بضعف محاولة إبعاد تشوشها..

زحفت للخارج قطتها تمشى ورائها بضعف حتى وصلت للكيس، فمدت يدها بإرتجاف تفتح بسكوت، ثم قامت بتكسيره لقطع صغيرة ووضعته أمام قطتها لتأكل منه..

أخذت نَفَسها مبللة شفتيها حلقها جاف تماماً، رأت شنطتها فزحفت لها ترفع رأسها بألم وبيد مرتعشة أمسكتها تبحث بداخلها عن أى دواء لها، لكن لا يوجد..

لم تستطع التحمل فنامت على جانبها، تذرف عينيها دموعها الساخنة على وجنتيها لتحرقها، لطالما كرهت مرضها الذى يضعفها بهذا الشكل، تأن بوجع يمزقها ، نظرت بضعف وتشوش لقطتها لا ترى ملامحها بوضوح..

شعرت أن هذه نهايتها، فأغلقت جفنيها مغمضة عينيها تاركه نفسها للظلام الذى عاشت به دائماً يسحبها، لتنفصل عن العالم من حولها..

حنان القاسى Où les histoires vivent. Découvrez maintenant