الفصل الخامس والأربعون

8.6K 497 105
                                    

يا قلبها..
يا من عرفت الحب يوما عندها
يا من حملت الشوق نبضًا
في حنايا.. صدرها
إني سكنتك ذات يوم
كنت بيتي.. كان قلبي بيتها
كل الذي في البيت أنكرني
و صار العمر كهفًا.. بعدها
لو كنت أعرف كيف أنسى حبها؟
لو كنت أعرف كيف أطفئ نارها..
قلبي يحدثني يقول بأنها
يومًا.. سترجع بيتها؟!
أترى سترجع بيتها؟
ماذا أقول.. لعلني.. ولعلها
*فاروق جويدة*

#الفصل_الخامس_والأربعون
#معشوقة_النَّجم


لأول مرة في حياتـه يُـدرك مكر ذلك النَّجـم، أخذ ابنته إلى مكان معزول لتصبح لها بكليتها، حيث يصعب الوصول لهما وسط تغطية ضعيفة، ومنازل بدائية الصنع تضاء على مصابيح الكيروسين من النحاس، حيث يحاول منذ يومين الوصول لها ولكن دون فائدة، فسمع صوتها المستاء يقول:

-لسه بتتصل بيها؟

هتف بنبرة مغتاظة دون أن يتطلع لها مُنصب بكامل اهتمامه على الهاتف:

-بطمن عليها، لحسن يكون قتلها ولا عمل فيها حاجة.

اقتربت من موضع جلوسه ووضعت فنجان قهوته على الطاولة، وجذبت منه الهاتف بهدوءٍ، لتتقابل عيناه مع زمردتيها التي ظهر فيهما عدم الرضا:

-ديه مراتـه يا مُحمَّد وهو جوزها، والاتنين لسه عرسان جُداد وعايزين يقضوا شوية وقت مع بعض، مافيش داعي نتصل بيهم خالص ونزعجهم.

أكفهرت ملامحه، تبرم بشفتيه مع شعور شديد بالقهـرٍ والغيظ وأطنان من الغيرة، فهو لازال يشعـر برأسه يفور كلما تذكر ذلك اليامن، ذكر طائر الوقواق التي تحرك متباهيًا بنفسه وهو يضع له مولوده بين يديه، يرفق كلماته بغمزة ماكرة:

-شيل مُحمَّد يا جدو مُحمَّد

حينها بصعوبةٍ كبح لسانه من سبه بلفظ غير لائق، حفاظًا على وقاره وتقديرًا لأبيه رفيق الدرب وصديق العُمـر، لترى تعابيره التي جعلتها تكبح ضحكتها، وحمحت بخفة لتجذب انتباهه:

-الساعـة تلاتـة معاد دواك.

نظر إلى الساعـة بدهشةٍ ونظر إلى هاتفه الذي لم يصدح بمكالمة من مادي تطالبه بتناول الدواء ككل يوم، فقالت بحنانٍ لم تستطع إلا التحدث به بعدما لمحت نظرة عيناه الحزينة:

-تلاقيها يا حبيبتي تعبانـة، والولاد مخلينها مش عارفة تاخد نفسها، مهما يكن دول توأم ربنا يبارك فيهم.

أومأ برأسه بعد تنهيدة عميقة، وتناول منها حبة الدواء شاكرًا، وما إن همت بالذهاب حتى تمسك بكفها يطالبها برجاءٍ:

-خليكِ معايا متمشيش وتسبيني وتروحي تقعدي لوحدك زي كل يوم، بقالنا كتير مقعدناش مع بعض.

حاولت التمنع واعطاء رد جاف قاسي لكنها لم تستطع، بالأخير هو حبيب الفؤاد، يقف أيسر الصدر له ومعه، فلم تقوَ على الرفض خاصةً بعد نظرة الرجاء تلك، فجلست بجواره لتتفاجيء به يميل برأسه ينام على صدرها، مطلق تنهيدة عميقة، حينها سمعته يهمس بخفوتٍ:

معشوقة النجم - الجُزء الرابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن