بعد شهر
فى العاشرة صباحا بتوقيت قاهرتنا التى لا تنام
و بعيدا عن ضوضاءها التى لا تنتهى و الاصوات العالية التى لا تهدىء بأحد المقاهى حديثة الطراز كانت تجلس تتطلع إلى القهوة العربية التى طلبتها و قطعة الكراسون الساخن بالجبن و الأبخرة التى تتصاعد منه تبعث بطمأنينة و راحة غريبة .
تجلس كما تحب فى مقعد بجوار النافذة فهى لا تفضل البقاء بالخارج و لا تحب التواجد بالمنتصف .
اخرجت من حقيبتها كشف الحساب الذى حصلت عليه من البنك و وضعته أمامها .
تبعا للأوامر العليا اصطحبها الى البنك و قام بأخذ الذهب و إغلاق الخزنة .
الذهب فى البيت ......
هل يرتاح اخيرا ؟
هل يهدأ باله أنها لن تهرب ؟
فى البداية قبل ياسين كان كلما تشاجر معها أغلق الباب و اخذ كل ما فى البيت من مال و خرج !
كان تصرف احمق و كانت تراه طفلا يهذى و لم تعط ابدا بال لهذه التصرفات .
و لو اعطت و لو ظهرت أمامها كل الإشارات الحمراء للوسواس فى رأسه و العقد التى أصلتها حياته الأولى بداخله اين كانت ستذهب ؟
ماذا كانت ستفعل ؟
احيانا يصبح ادعاء الغباء وسيلة من أهم وسائل النجاة .
تطلعت إلى الاصفار المكتوبة و العملة الموضحة للإيداع ، تذكرت معرفة الموظفين له و أحترامها فقط لأنها زوجته فطارق اصبح الشيخ لسان الشيخ و كلمة الشيخ و اوامر الشيخ .اخذت رقم من البوابة و فور ان جلست مع الموظف من خدمة العملاء و رأى الحساب و الاسم .....اختلفت طريقة المعاملة تماما حتى انه اخطأ بلسانه و قال
"أنا اسفة شكلك " و قطع الكلام ليتحدث بعدها بلباقة مبالغ فيها فسرها فيما بعد ورقة كشف الحساب !
نظرت إلى مظهرها ......الى التنورة البنية التى لا تليق ببلوزتها أو الحجاب .منذ متى غابت عن الدنيا ؟
منذ وضعها هو بسجن و وضع امامه ألف حارس حتى الفستان الذى قامت بشرائه و كان رائعا عليها لم يسترح حتى قام بأخذه و لا تعرف أين ذهب به .
يفعلها دائما تستعد للذهاب إلى أى زفاف يتركها تذهب و تجىء للصالون و" الأتيلية " ......تبات تحلم بمظهرها و فستانها و قبل الخروج يطلق صافرة الانذار
"مفيش خروج خشى اتعشى و نامى ....انا هاخد الولاد عشان ما يزعلوش"
الاولاد حتى لا يحزنوا و هى تذهب بكسر خاطرها للجحيم .
عادت عينها تنظر إلى ورقة كشف الحساب و عاد عقلها بحسب الحساب و الذاكرة علقت بها ذكرى
إلى باب الشعرية
قبل سفر طارق إلى الولايات المتحدة بوقت قصير .........
إلى غرفة نومها"شايفة يا منيلة على عينك ... اخته جايبلها ايه ....دهب ....طارق الى لا بيعرف يروح و لا يجى جاب لسحر فى ولدتها دهب ...طقم كامل يا موكوسة يا بنت الموكوسة .....بوى عليكى و على حظك الفجرى زى امك .....انا مش مرضعاكى من صدرى لبن .....انتى رضعتى وكستى و فقرى"
كانت هذه كلمات سليمة التى ألقتها على زينب و هى جالسة على السرير تقوم بتركيب زر قطعة ادهم من قميص المدرسة فردت و هى تستدير تعلق الملابس بالدولاب"ليه بس كده ما انا كويسة اهو ....ديه مجاملة انتى عارفة ظروفه "
اصدرت المرأة صوتا بفمها و اعتدلت تقطع الخيط باسنانها
أنت تقرأ
إرث السمراء ....الجزء الثالث من أنين الروح
Spiritualوطن .....حكاية عائلة درامى .... رومانس