ماذا بعد ١٦

282 24 7
                                    

فى السابعة صباحا

يرتدى جلبابه الذى احضره الشاب بعد كيه فى الأمس و عباءته بعد أن تحمم و  صفف شعره بعناية و تعطر كما اعتاد إلى حد أنك تشتم رائحته من مسافة أمتار يستعد للمغادرة فلديه مقابلة ضرورية فى الصباح و بعدها سيأتى للإطمئان على طارق مرة أخرى ثم سيذهب للمطار برفقة شيرى للسفر لمدة أسبوع إلى شرم الشيخ كما وعدها .
غادر إلى البيت ليجد سيارة ماجد فى انتظاره كما اتفقوا فماجد لا يستيقظ صباحا و معنى أنه سيقابله الآن أنه لم ينم بالأمس .
فور أن اقترب من السيارة خرج على الفور شاب طويل قوى البنية العضلية ذى شعر أسود فحمى ثقيل يبدو من هيئته أنه فى منتصف الثلاثينات ....اقترب سريعا من حسن و مد يده بالتحية
"ازيك يا سيادة النايب أنا يحيى علام .....مساعد مستر ماجد "
شمله حسن بنظره تقيمية و اجاب
"فيه كاران ....البنت الى كانت معاه "
"استقالت يا باشا و سافرت بلادها تانى .....أنا كنت بشتغل تحتها مع المستر بقالى سنين و هو قرر بعد ما مشيت يخلينى مكانها "
ابتسم حسن نصف ابتسامة
"انا مكنتش راضى عنيها .....مبحبش شغل الحريم و لا احب أنى اشتغل معاهم .....الحريم للسرير و الشغل للرجاله ، أول مرة ماجد يعمل حاجة تدخل دماغى و لو اثبت كفاءتك و عرفتك أن راجل من ضهر راجل صوح فانت هتتفتحلك بوابة على بابا و لو حسيت مجرد أحساس انك مش اد الامانة أنا مبرحمش "
لم يظهر الرجل أى ارتباك .....بدا واثقا جدا من نفسه و ظهر هذا جليا جدا على كل ملمح من ملامحه .....ثقة أعجبت حسن فلو اهتز لسقط مباشرة من نظرة.
و من هنا يبدو أن يحيى نجح فى الاختبار الأول لحسن العتمانى !
سمع الأثنان صوت طفلة تجرى و امرأة تلحق بها تنادى
"يا نور .....تعالى هنا سبينى بس احطلك العصير "
و الفتاة تصرخ
"مش بحبه ....ده لبن مش عصير "
و زينب تجرى خلفها
"ادعى عليك بايه يا خالد يا جزمة على الصبح"
نور تكمل صراخها
"خالد قال انا مش بعرف اقرأ ده لبن مش عصير "
بمجرد أن وصلت لحسن أحتضنته فرفعها حسن محاوطا إياها بذراع و فارادا الاخر إلى نهايته يزيح به يحيى إلى الخلف مبعدا إياه عن طريق زينب التى كانت تجرى لتلحق بالفتاة و عندما وصلت إليهم وقفت تلتقط انفاسها و قطرات العرق تنساب على جبينها و بنفس مقطوع تحدثت
"يا حسن لو سمحت نزلها عشان نلحق الباص واقف قدام شوية و اتأخرنا عليه "
اجاب حسن بوجه مكشر
"بتجرى فى الشارع ورا عيلة .....يعنى الحديت الى نجوله و انتى بت عشرة نجوله و انت فى الاربعين .....ما طولتيش و جولنا الطول و القصر دول امر الله إلا الدماغ راخره ما بتكبرش ....روحى خلاص خشى جوه ما تجفيش فى الشارع إكده على صبحية ربنا ، الناس يجولوا إيه .....أيه المرار ده يارب .... انا هوصلها "
أمسك نور بذقنه و رددت مدعية البكاء
"ده لبن و زينب عايزانى اشربه و أنا مش بحبه"
اخذ حسن العصير من يد زينب فسلمته له سريعا و اعطاه ليحيى
"خده يا ود ابوى اعتبره واجب الضيافة بتاعك لغاية لما ندعيك على طبيخ احمر ....و لا تزعلى يا نن عينى ....مشيناه خلاص ....فين الباص ده"
كانت الحافلة فعلا قد اقتربت من البيت فانزل حسن الفتاة و اوصلتها امها الى المشرفة ثم عادت إلى البيت مرة أخرى فسألها حسن
"عايزة حاجة يا سمارت أنا رايح مشوار و راجع"
لم ترفع زينب عينها عن الأرض و ردت بصوت خافت
"شكرا ....تنور "
و هربت من أمامه سريعا ......
فتح يحيى الباب الخلفى لحسن ليدخل و لكنه امسك بالباب و علقت عيناه بزينب حتى ابتلعها البيت .
ركب بعدها حسن و مد يده ليحيى
"هات العصير الى ادتهولك"
فرفع يحيى به ذراعه
"تسلم يا حاج "
فاردف حسن
"انا بجولك هاته و روح جيب غيره لنفسك "
نظر يحيى للعلبة فى يده و أجاب بسخرية لم يقدر السيطرة عليها
"هتشرب عصير مانجا بشفاطة يا حج عليه قرد"
عندما احس حسن أن يحيى سيزيد فى الكلام سحب العلبة من امامه و عاد إلى مكانه فى الخلف وضع الماصة بعلبة العصير و شرع فى شربها بسعادة كبيرة كأنه طفل و توقف يحيى للحظات يربط ما حدث أمام عينه ليهتف بقوة
"هو انت كمان بتغمس السجاير فى القهوة "
ضحك حسن مرة واحدة فخرج العصير من أنفه و فمه و رغم كونه انهار مقهقها إلا أن يحيى كان على نفس صدمته حتى ضربه حسن على كتفه وردد بمرح
"ديه بتاعتى يا غبى.....اهى ديه بتاعتى  ......بس انت قديم فى الشغلانة ....عجبتنى يا يحيى سوق "
............... .............. .................

إرث السمراء ....الجزء الثالث من أنين الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن