طارق و الجامعة(٥)

356 25 6
                                    

إلى ذكرى

نحن فى العام الرابع لابن العتامنة فى الجامعة يجلس على كرسى و ساقيه ممدين على آخر أمامه،  طاولة الطعام ... الكتب ممدة عليها كثكالى الحروب الوسطى ، ، ترتدى جلباب منزلى أزرق ورفعت شعرها للأعلى فهى لم تمرر به مشطا منذ ثلاثة أيام و لا تتذكر أخر مرة تحممت فيها فالأيام الماضية كانت ثقيلة جدا ، سافر طارق مع حسن لأربعة أيام بورسعيد و أصابها هى انفلونزا عادية أنتقلت منها
صاحب الأزمة الربوية فأصبحت تحيا كابوسا فالصغير تأزم صدره و عند الساعة الثالثة فجرا أصبح يتلفق النفس فخرجت بالطفلين تستغيث لتعطى أدهم للمرأة العجوز فى الطابق الأرضى و لتأخذ ياسين إلى المشفى و هى تسب و تعلن فى طارق و أهل طارق لأنها كادت أن تقبل قدمه لتذهب إلى العتمانية حتى لا تبقى وحيدة ورفض رفض قاطع ، قابلها بندق صديقه و صاحب الورشة فى شارعهم و أصر على الذهاب معها و منذ ذلك اليوم و هى لا تغفل فالفتى يحيا على جلسات تنفسية كل أربع ساعات بالإضافة إلى مرضها هى نفسها و عاد هو منذ ثلاث ساعات ليجلس أمامها هذه الجلسة كل ما يدور برأسها الآن هى أن تطعنه بسكين فى قلبه فالباشا يغنى و هذه العلكة المستفزة فى فمه .
فكت شعرها و ربطته مرة ثانية بعنف و امسكت بورقة جرائد قطمتها بأسنانها ثم ابتلعتها فالباشا أشترى سلسال أخر فضى ، قصير يحيط بعنقه و أخر طويل حتى منتصف صدره إذا حاولت أن تتناسى سيارة العتمانى  ذات الدفع الرباعي ( فور باى فور ) التى أصبح يذهب بها إلى الجامعة فهذه السلاسل صوتها يرن بأذنها ليذكرها بأن الأنسان هو من أكل من التفاحة المحرمة و لم تذهب التفاحة إليه.
هى السبب فى كل هذا .....كان رجلا بسيطا يذهب إلى الجامعة يحضر محاضراته و يعود إلى بيته سريعا ، لا يبقى دقيقة واحدة بعد إنتهاء محاضرات ، يذهب كالبشر عن طريق المترو فهو أسهل و أرخص وسيلة مواصلات حسب وجه نظره  ....ليس لديه أصدقاء فيها فهو يرهم لا يشبهونه ولا يشبهم و أصدقاؤه  من الحارة و كان هذا لا يرضيها فهؤلاء الشباب الفاقدين ليسوا أهلا بمصاحبة الدكتور طارق .
هل استراحت الآن ؟
هل هدأ بالها ؟
أين البنزين ....أين السولار....أين الكلور ؟
هل هى سعيدة الآن فهو لم يترك أصدقاء الحارة و يستبدلهم بالجامعة بل جمع كليهما و لتذهب هى و أولادها إلى الجحيم !
و من بدأ  هذا الشر؟
هى ....هى الدبور الذى زن على خراب عشه .
بعد ظهور نتيجة السنة الدراسية الثالثة لطارق فى الجامعة حصل على المركز الثانى ... و أخبرها أنه اخطأ بسؤال خاص بمادة فى قسم العلوم السياسية أذهبت بتقديره و كان حزينا جدا أو لنقل أنه ادعى الحزن حتى لا تفتح فمها معه و تبدأ بتأنيبه و بدلا من ذلك احتضنته و أخذت تواسيه حتى أنها تركته يتشاجر مع البشر فى الشارع كنوع من تفريغ الحزن و أنتهى الأمر بسفره مع زياد للسودان .
كانت تحترق من الداخل فهى لم تترك بلدتها و تتغرب بطفلين و تجلس تحت قدمه ليحصل على المركز الثانى  فالثانى بالنسبة لها كالأخير و هذه المادة بالذات هو أفضل فيها ممن وضعها و لكنها فضلت الصمت حتى أتصل بها عميد الكلية .
نعم عميد كلية السياسة و الاقتصاد اتصل بها شخصيا فالرجل يبحث عن كبير لهذا الشاب ، الذى تعرض لظلم بين من دكتور ، هدفه هو تعين ولده و أنه شخصيا طلب من طارق ان يقدم شكوى فى مجلس القسم و هو يعرف أنها لن تصل إلى مكان و لكنه يجب أن يفعل شىء ليحرك المياه الراكده و أنه و أكثر من استاذ دكتور فى جبهه طارق و فى صفه فهو من وجه نظرهم شاب عبقري و الجامعة بحاجة إليه لكن طارق أبلغه أن والده رجل كبير فى العمر و تاجر قماش على قدر حاله و أن هدفه هو الإنتهاء من الجامعة و العودة إلى بلدتهم ليعمل مع والده .
ارتفع ضغطها ....فى هذه اللحظة كانت زينب ستنفجر ،وانفجرت  شراينها  داخل عروقها و جسدها أخذ ينتفض سألت الرجل ماذا تفعل ؟
فأخبرها أنها يمكنها ان تقدم شكوى فى مكتب شكاوى مجلس الوزراء و فى مجلس القسم و أنه فوق أساتذة الجامعة النائب العام فردت عليه زينب رد لم يفهمه الرجل حينها
" ادينى رقم حضرتك و أربعة و عشرين ساعة "
و هذا حقا هو كل ما احتاجته زينب التى سربت الطفلين و احتضنت هاتفها و مفكرة الأرقام الخاص بها و أجرت عدة اتصالات
الأول بالعتمانى و أخبرته بالقصة و أنها بحاجة لإيصال الأمر لمحافظ قنا ورد عليها الرجل بأنه سيذهب إليه شخصيا فمن يظلم طارق سيأكل كبده.

إرث السمراء ....الجزء الثالث من أنين الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن