إلى ذكرى
نحن فى العام الرابع لابن العتامنة فى الجامعة يجلس على كرسى و ساقيه ممدين على آخر أمامه، طاولة الطعام ... الكتب ممدة عليها كثكالى الحروب الوسطى ، ، ترتدى جلباب منزلى أزرق ورفعت شعرها للأعلى فهى لم تمرر به مشطا منذ ثلاثة أيام و لا تتذكر أخر مرة تحممت فيها فالأيام الماضية كانت ثقيلة جدا ، سافر طارق مع حسن لأربعة أيام بورسعيد و أصابها هى انفلونزا عادية أنتقلت منها
صاحب الأزمة الربوية فأصبحت تحيا كابوسا فالصغير تأزم صدره و عند الساعة الثالثة فجرا أصبح يتلفق النفس فخرجت بالطفلين تستغيث لتعطى أدهم للمرأة العجوز فى الطابق الأرضى و لتأخذ ياسين إلى المشفى و هى تسب و تعلن فى طارق و أهل طارق لأنها كادت أن تقبل قدمه لتذهب إلى العتمانية حتى لا تبقى وحيدة ورفض رفض قاطع ، قابلها بندق صديقه و صاحب الورشة فى شارعهم و أصر على الذهاب معها و منذ ذلك اليوم و هى لا تغفل فالفتى يحيا على جلسات تنفسية كل أربع ساعات بالإضافة إلى مرضها هى نفسها و عاد هو منذ ثلاث ساعات ليجلس أمامها هذه الجلسة كل ما يدور برأسها الآن هى أن تطعنه بسكين فى قلبه فالباشا يغنى و هذه العلكة المستفزة فى فمه .
فكت شعرها و ربطته مرة ثانية بعنف و امسكت بورقة جرائد قطمتها بأسنانها ثم ابتلعتها فالباشا أشترى سلسال أخر فضى ، قصير يحيط بعنقه و أخر طويل حتى منتصف صدره إذا حاولت أن تتناسى سيارة العتمانى ذات الدفع الرباعي ( فور باى فور ) التى أصبح يذهب بها إلى الجامعة فهذه السلاسل صوتها يرن بأذنها ليذكرها بأن الأنسان هو من أكل من التفاحة المحرمة و لم تذهب التفاحة إليه.
هى السبب فى كل هذا .....كان رجلا بسيطا يذهب إلى الجامعة يحضر محاضراته و يعود إلى بيته سريعا ، لا يبقى دقيقة واحدة بعد إنتهاء محاضرات ، يذهب كالبشر عن طريق المترو فهو أسهل و أرخص وسيلة مواصلات حسب وجه نظره ....ليس لديه أصدقاء فيها فهو يرهم لا يشبهونه ولا يشبهم و أصدقاؤه من الحارة و كان هذا لا يرضيها فهؤلاء الشباب الفاقدين ليسوا أهلا بمصاحبة الدكتور طارق .
هل استراحت الآن ؟
هل هدأ بالها ؟
أين البنزين ....أين السولار....أين الكلور ؟
هل هى سعيدة الآن فهو لم يترك أصدقاء الحارة و يستبدلهم بالجامعة بل جمع كليهما و لتذهب هى و أولادها إلى الجحيم !
و من بدأ هذا الشر؟
هى ....هى الدبور الذى زن على خراب عشه .
بعد ظهور نتيجة السنة الدراسية الثالثة لطارق فى الجامعة حصل على المركز الثانى ... و أخبرها أنه اخطأ بسؤال خاص بمادة فى قسم العلوم السياسية أذهبت بتقديره و كان حزينا جدا أو لنقل أنه ادعى الحزن حتى لا تفتح فمها معه و تبدأ بتأنيبه و بدلا من ذلك احتضنته و أخذت تواسيه حتى أنها تركته يتشاجر مع البشر فى الشارع كنوع من تفريغ الحزن و أنتهى الأمر بسفره مع زياد للسودان .
كانت تحترق من الداخل فهى لم تترك بلدتها و تتغرب بطفلين و تجلس تحت قدمه ليحصل على المركز الثانى فالثانى بالنسبة لها كالأخير و هذه المادة بالذات هو أفضل فيها ممن وضعها و لكنها فضلت الصمت حتى أتصل بها عميد الكلية .
نعم عميد كلية السياسة و الاقتصاد اتصل بها شخصيا فالرجل يبحث عن كبير لهذا الشاب ، الذى تعرض لظلم بين من دكتور ، هدفه هو تعين ولده و أنه شخصيا طلب من طارق ان يقدم شكوى فى مجلس القسم و هو يعرف أنها لن تصل إلى مكان و لكنه يجب أن يفعل شىء ليحرك المياه الراكده و أنه و أكثر من استاذ دكتور فى جبهه طارق و فى صفه فهو من وجه نظرهم شاب عبقري و الجامعة بحاجة إليه لكن طارق أبلغه أن والده رجل كبير فى العمر و تاجر قماش على قدر حاله و أن هدفه هو الإنتهاء من الجامعة و العودة إلى بلدتهم ليعمل مع والده .
ارتفع ضغطها ....فى هذه اللحظة كانت زينب ستنفجر ،وانفجرت شراينها داخل عروقها و جسدها أخذ ينتفض سألت الرجل ماذا تفعل ؟
فأخبرها أنها يمكنها ان تقدم شكوى فى مكتب شكاوى مجلس الوزراء و فى مجلس القسم و أنه فوق أساتذة الجامعة النائب العام فردت عليه زينب رد لم يفهمه الرجل حينها
" ادينى رقم حضرتك و أربعة و عشرين ساعة "
و هذا حقا هو كل ما احتاجته زينب التى سربت الطفلين و احتضنت هاتفها و مفكرة الأرقام الخاص بها و أجرت عدة اتصالات
الأول بالعتمانى و أخبرته بالقصة و أنها بحاجة لإيصال الأمر لمحافظ قنا ورد عليها الرجل بأنه سيذهب إليه شخصيا فمن يظلم طارق سيأكل كبده.
أنت تقرأ
إرث السمراء ....الجزء الثالث من أنين الروح
Spiritualوطن .....حكاية عائلة درامى .... رومانس