أَبْلَجَ فَلَقٌ الصبح الشاحب خال من بهاء الشمس لامعة، و ثَبُتَت الضباب متكردسة على السماء لُوندَرَس تبعث بريق الكآبة بين غيومها. تَكَدَّسَتِ الأنام و هي تنزل من السفينة إلى الرَّصَّة، حينها كان راؤول يتمشى بتريث بين الحشود بمعالم مكروبة شجية تكشف عما خاضه من متاهات داخل عقله، متاهات قد أتاهت فكره و شتت دهنه، لكن فور ما سمى بنظره إلى الأفق و على حين غفلة حتى إستبدلت محياه إلى معالم مبتهجة و أسارير مطلعه قد ٱنبسطت و مقلتيه ذابلتين قد ومضت بلمعان التهلل و الإنشراح و ثغره قد وسع وسعة فارح ببسمة مغتبطة
سار بهوادة عابرا الإزداحام دون أن يبطئ أو أن يسرع خطواته، و مع كل خطوة يتقدمها تتسع بسمته أكثر و أكثر
ضروب من الجذل و الطُوبَى قد عصفت بكيانه لتنغلق متاهات عقله الذي قادته في ليلته إلى الجنون من التفكير، و تنفتح أبواب الطرب و الإبتهاج على روحه تنبثقه من جحر أحزانه إلى فجوة أفراحه
توقفت خطاه و إنتصب بمكانه يطالع بتَوَقُّد و وهج الفتاة الذي كانت تقابله بملامح هادئة كهدوء الفجر الشاحب و بسمة هزؤ تتقمص ثغرها مصطبخ بلون نبيذي
خصلات شعرها حالكة كظلمة الليل قد كانت تتطاير بتناغم على نسمات العراء، بينما جسدها قد تستر خلف ثوب أرجواني يكسوها من أخمص قدميها إلى جيدها، و يديها تحتضن قبعتها أدعجة نقيضة بشرتها ناصعة البياض
و بالرغم من سكون معالمها و تهازؤ بسمتها إلا أن عيونها كحلية قد أفشت مسرتها و حبورها الذي أغمر قلبها
قهقهة قد فرت من جحر راؤول و هو يطلع على ملمحها دون أن تندثر بسمته من فوهه، بسمة قد تعبأت بالتوق و الصبو، ليرسب غور معالم خلقتها مبصرا النزعة و الحنين يصطرعان على دجى عينيها، فبادلها بنظرات مثقلة بإشتياق تفشي بشوقه و وجده لها، و بالرغم من شدة إشتهاءه و ميله في إحتضانها إلا أنه أنهى نفسه عن هواها و ما تشتهيه، رافضا تعرية نفسه من لبوس احترام و وقار، فتلدد بمكانه ثم أردف بنبرة هادئة محبورة مبقيا مسافة بينه و بينها «لقد أصبحت جميلة جدا، جميلة بشكل يخطف الأنفاس»
ثم أكمل بنبرة خافتة و بسمته قد تلونت لإبتسامة طانزة «إلا أنفاسي»ارتسمت إبتسامة هزء تلمعها غبظة على شفتاي راشيل لتنبس بنبرة رقيقة هازئة «حقا! لو كنت عمياء و لم أرى نظرات الإعجاب و الدهشة تلمع عيونك لكنت حتما صدقتك، أنت شفاف للغاية راؤول»
ففرت ضحكة مستمتعة من ثغر الحبر و الهزؤ و التَرِفَ يغزو ملمحه، لتسترسل راشيل قائلة و هي تمرر وميض مقلتيها كحلية عليه «وأنت أصبحت بشعا جدا، بشعا بشكل يَفِرُّ الأنفاس »

VOUS LISEZ
لأجلي
Mystery / Thrillerإن كان دماء أعدائي هو ثمن لحريتي فأسفكهم سفكا حتى يغدو مداد البحر أحمرا