الفصل السادس و الأربعون : فرشاة رينيه

12.2K 654 597
                                        


لو لم يكن يرى إنعكاس صورتها الباهت في زجاج النافذة لظن أنها لا تزال تنفخ خديها و تكوّن عقدة بين حاجبيها ، اختلس النظر إليها عدة مرات و في كل مرة كان يحاول خلق موضوع للحديث لكنها لا تجيب إطلاقاً ، هذا هو الصمت العقابي!

كان يقود بعشوائية فلم تكن له وجهة محددة ، كان فقط يبحث عن أطول طريق و عن منطقة ممتلئة بالزحام و يبطء حتى يقف عند إشارة المرور الحمراء ؛ لقد كان يحاول إطالة الوقت لا أكثر فإن لم تكن تريد التحدث اليه فوجودها حالياً بجانبه و إختلاس النظر إليها كافٍ لم يكن يطمع بالكثير ، وقف منتظراً تحول الإشارة الى الخضراء يطرق بإصبعه على عجلة المقود إلتفت إليها بشكل كامل أخيراً و تحدث لعلها تجيب هذه المرة :

- الى متى تنوين الصمت؟ كل هذا من لأنك لم تستطيعي الذهاب مع رفاقك؟!

تحدث بلكنة تعجب و بعض من الاستنكار ، و كأنه لم يلقي بالاً لقدومه بهذه الطريقة الى مدرستها و إصطحابها رغماً عنها و هو من كان مختفياً لما يقارب الشهر دون سبب وجيه حتى! عبوسها هذا بسبب أفعاله هو ليس لرغبتها الطفولية لذهاب الى صالة الألعاب ، التفت اليه و جفون عينيها شبه مسدلة أسندت مرفقها على النافذة يمينها و بعد لحظة صمت أجابت ببرود شزر :

- أتعلم ... بإمكاني إنزال زجاج النافذة الآن و الصراخ بأنك قمت بخطفي .

- خطفك؟! ...محال لن تفعلي ....

ضحكة صغيرة فلتت من حلقه و هو يقلب عينيه من مزحتها تلك ، الا أنه صمت حالما رأها تنزل الزجاج دون تعابير تذكر ؛ سيكون أكبر مهرج بالتاريخ أن ظن أنها لا تستطيع فعل ذلك! زمت شفتيها و تظاهرت بالتفكير ثم ردت بفضول :

- أتريدني أن أجرب؟

قربت وجهها ناحية الزجاج أكثر ، كانت تستفزه و تختبر قدرته على الاصرار و لأنه لم يرغب بالمخاطرة حمحم معدلاً من وضعه ثم رد بخفوت بعد ضغطته على زر إغلاق النافذة من جانبه :

- من الأفضل عدم التجربة .

ضغطت آليس على زرها عدة مرات لكن النافذة لم تفتح ، عادت بظهرها الى خلف بقوة و ضمت ذراعيها الى صدرها و تلك العقدة بين حاجبيها باتت محكمة ، أن لم تكن خائفة على التسبب بحادث سير لقامت بلكمه في الحال ؛ راقبت الطريق و هي لا تدري أين هي الآن فقامت بسؤاله مع تلك العقدة و النظرة الساخطة :

- الى أين تريد أخذي؟

نقر بأصبعه على عجلة القيادة مدعياً التفكير ، حينما قرر سحبها معه الى السيارة لم يضع في رأسه أي مكان معين ، أراد فقد البقاء رفقتها لبعض من الوقت و تجاذب أطراف الحديث و لأنها لن تفعل خاصة مع تلك التعابير ظل يقود دون وجهة محددة ، أجاب بعد لحظة صمت بسؤال آخر :

- لا أدري ... الى أين تريدين الذهاب؟

- الى الجحيم!

تمتمت و هي تعيد نظرها نحو النافذة فلم تعلم أنه سمعها ، رفع حاجبيه و هز رأسه في محاولة بائت بالفشل لإخفاء إبتسامته ؛ الى أي حد هي غاضبة منه؟ بل السؤال المهم هو كيف سيقوم بالتخفيف عن هذا الكم من السخط؟ و المثير من السخرية أن هذا يمتعه كمن يقوم بمضايقة طفل سريع الغضب ، في كل مرة يحاول قول شيء ما يجعل من آليس تزداد تعصباً و بالتالي تزيد رغبته في الضحك و هذا ما سيجعل الأمور أسوأ! قد يجعله هذا يبدو كالمتنمرين لكنه ممتع!

أغنية أبريل|| April Songحيث تعيش القصص. اكتشف الآن