10.||ورقةُ التغيير

53.4K 3.7K 1K
                                        

الفصل العاشر : ورقة التغيير
.
.
.
.

«سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله»

...................................

بعد خمسة أيام  :

كانت آفرا تقف بجوار النافذة، تتكئ برأسها على إطارها وعيناها هائمتان بين النجوم المرصعة في السماء، جسدها هنا وعقلها غائبٌ في تدبرِ ما يملأ قلبها الآن، فقد كانت تحمل ورقةً مطويةً تقربها لصدرها كما المحتوى الذي بداخلها قريبٌ لفؤادها.

حطت يدُ ليديا على كتفها فارتعشت مكانها لوهلة، لذا قطبت الأخرى حاجبيها وسألت

"ما يبقيك مُستيقظة لهذا الوقت يا آفرا؟"

شدت على الورقة أكثر وأجابتها بصراحة دون ابعاد بصرها عن السماء وما يشغلها

"إني أتدبر في خلق الله "

لم تستوعب ليديا الجواب، هل ذكرت الآن اسم الله؟، وقالت أنها تتدبر في خلقه. مستحيل ذلك آفرا كانت ملحدة رافضة لوجود خالق ما الذي دفعها لتغير رأيها فجأة؟.
أمسكتها من ذراعها وأدارتها نحوها، فتشت بين تقاسيمها عن تفسيرٍ للكلام الذي تفوهت به، ثم همست بدهشةٍ مشوبةٍ بالشك
"هل تؤمنين بوجود الرب؟"

تنهدت بحيرةٍ فهي بحدِ ذاتها لا تملك إجابة ثابتة لهذا السؤال،  لا تستطيع أن تكذب و تجزم لها بأي جواب كرد قاطع.

فتحت الورقة التي كانت تحملها وقدمتها لابنة خالها دون النطق بحرف ...
أخذتها منها بجبين مقتضب، وفي اللحظة التي وقعت عيناه البنية على محتواها عبست وبدت عليها الدهشة إذ كانت الكلمات مكتوبة بأحرف لم ترَ مثلها من قبل.
رفعت بصرها لآفرا، وحركت رأسها في صمت كأنها تسألها ما هذا؟، ابتسمت الأخيرة على رد فعلها وأجابت

"إنهما آيتين من القرآن باللغة العربية"
نبست الآخرى بتعجب
"القرآن!"
كانت آفرا في ما سبق حريصة على عدم معرفة ليديا بهذا الأمر، لكن الآن لم يعد يهمها حقا إذا ما رأتها تقرأه أو تدرسه، لأنه أمرٌ يخصها وحدها، أمرٌ وجدت فيه السبيل نحو راحتها.

"وهل تعلمين المعنى من الأيتين؟"

أومأت لها ثم تجاوزتها نحو مكتبها، حملت هاتفها ثم عادت لها دون أن تكلمها. كل ما فعلته هو تشغيل مقطع صوتي لأبراهام يجود فيه الأيتين بصوته العذب.

"{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ } آل عمران /190
﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ المائدة / 72 "

صراطٌ مستقيم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن