أَوَت السيدة ريجينا إلى مخدعها و لبثت فيه ثاوِية منذ يومين، متلفعة برداء نومها مبيض و خصلات شعرها أدعجة قد إنسدلت بإنهزام على جسدها سقيم بجفون محمرة قد كانت كمرآة صافية تعكس مشاعر عميق عمقها مُتَنافِرة، الكدر و الإبتئاس ممزوج مع الأسف و الحزن قد ومض بلمعانه كئيب على مقلتيها، مضضِها قد فاض و وَجِلَ على مستعمرات ديباجتها شاحبة هزيلة التي أَذَاعَت و أَجْهَرَت بثُقل أوزارها.
مستلقية على سريرها أبيض ناصع بمعالم باهتة هائمة في غفلة و كأنها تجول في أحياء مخيلاتها العتمة، و حدقتاي أعيونها كانت معلقة على سقف حجرتها خشبي و كأنها تديم بنظرها إلى غيوم حياتها مغمومة شَجِيّة
و لبثت على حالتها مَكْرُوبة مَهْجُورة من توقد الأمل و الفَأْل لمدة قد بدت كالدهر العَسير، و كأنها أرض قد بارت قبل أن تنبث بها زهرة حياة، و كأن حقل دنياها قد اندك دكا حتى بات القنوط و السَأَمٌ من يزدهر و ينمو به
غشيها الهم ما غشيها و ولت إمرأة حزينة بملامح مفقرة خاوية من التَأَجَّج و التَوَهَّج
أَفْشَت بجسدها ضَامِر مُقَوَّر برويدة و تريث حتى إلتمس كاحِلها أرضية حجرتها و بتباطؤ إنتهضت في وقفة هداجة و كأنها بالكاد تستطيع حمل نفسها، و كأن قدميها ليس بوسعهما تحمُّل وَسْقة جُثْمانها
سارت بتعرج و تهدُّج ناحية خزانتها وَضّاحة تزينها زخرفات ذهبية و بإرتعاش قد أرعد يديها فتحت الخزانة فأمعنت النظر بمقلتيها ما يتوسد أدراجها من ملابس، أغدقت يُمناها في الدرج السفلي للخزانة و هي تنحني بصعدتها لتنقشع عن صندوق يصطبغه اللون الجوزي و في مقدمته يقفله قفل صغير رمادي
قفلت راجعة إلى مهدها دون أن تغلق باب الخزانة، و بإِتِّئَاد و تَأَنٍّ وضعت الصندوق ثم تجلست بحاشيته دون أن تزيح نظرها باهت عنه، فمكثت هنيهات لم تحرك بها ساكن و كأن روحها قد طافت في تيه و ضياع بين أكوام مضضها، بدت و كأن إدراكها قد هجر جسدها فلم تعد تفقه بأين ما يحوم حولها، و كأنها قد إرتحلت بين أزقة أفكارها تاركة ذاتها ترسوا على مضجعها بتصنم و تصلب
و دامت دقائق كالدهر قد إتخذتها سكونا و تصلبا، حتى أطلق فوهها تنهيدة خافتة محملة بعياء و تعب قد أثقل كاهلها، تنهيدة قد أدلت عن ضَنْكها و حزنها، ثم مدت يدها إلى الصندوق تلتمس قُفل بريث و هدوء، فإنتصبت مجدداً بوقفتها كلالة و مشت إلى الدُرج الذي يتموضع بجانب سريرها لتخرج مفتاحا صغيرا فضي اللون ثم عادت إلى مكانها تستهل بفتح الصندوق
تدلى بابه جوزي على غطاء مفرشها لتُباث أشياءه مرئية لمرمى بصرها، حزمات بشتى الألوان الكئيبة قد زينت قبعه، لتمد يدها تحتضن حزمة بلون أسود حالك يعقدها خيط قمري، ففكت العقدة و أغمرت أناملها جوف الحزمة، إنبثقت من جوفها كَمّ من الأوراق المصفرة المهترئة و كأنها قد مضى عليها سنون لمدى هشاشتها و رَثّها

VOUS LISEZ
لأجلي
Mystery / Thrillerإن كان دماء أعدائي هو ثمن لحريتي فأسفكهم سفكا حتى يغدو مداد البحر أحمرا