الفصل السادس والعشرون

50 3 0
                                        

" ده بقى بيتي لما كنت صغيرة، ده البيت اللي عشت فيه واتربيت على ايد أمي فاطمة، بس للأسف طردها عمي الله ينتقم منه وأخد منها حقها وورثها فيه ورمانا في الشارع لما كنت لسه برضع، أمي اضطرت تشتغل وتتعب وفي نفس الوقت ترضعني وترعاني وده كان شيء صعب جدا عليها وقتها، كانت مريضة ولما حست إنها مش هتقدر تاخد بالها مني بعد كدا ودتني لراجل طيب اسمه عمر، أيوة أنا سميتك على اسمه زي ما سميت اختك على اسم ماما الله يرحمها.

الراجل ده هو اللي كبرني وعلمني ورعاني لغاية ما كبرت واتجوزت ابوك أحمد، مهما أوصفلك هو عمل اي عشاني
مش هعرف، انا مستحيل انسى فضله عليا أبدا، دلوقتي عليك إنك تروح تزور ابويا وامي وابويا التاني عمر،
ادعيلهم بالرحمة والمغفرة كتير اوي مش هوصيك ومتنساش أبدا تروح تزورهم.

انا بحمد ربنا اني عرفت ابوك احمد لأنه هو اللي رجعلي حقي من عمي واخدت ورثي، وكمان ابويا عمر كتبلي بيته بإسمي، انا حولت كل حاجة لإسمك أنت يا حبيبي والورق مع المحامي اللي اديتك اسمه وعنوانه، وكون إنك وصلت لحد هنا ده معناه انك اخدت حقنا ووفيت بوعدك، انا كنت واثقة انك قدها لأني معتمدة على راجل وقد المسئولية زيك يا عمر، راجل من ضهر راجل، انا بجد مبسوطة أوي، خلاص يا حبيبي دلوقتي تقدر ترتاح ومتشيلش اي هموم بعد كدا، مهمتك كدا خلصت، خلي بالك من نفسك ومن مريم ومن ابنك اللي جاي ف الطريق، وقول لمريم اني بحبها اوي. "

فرت دمعة من عينيه وهو يغلق ذلك الكتاب الخاص بمذكراتها، كان جالسا على أحد الكراسي في صالون ذلك
البيت الذي تربت فيه والدته في صغرها، تذكر كلماتها وحكاياتها الجميلة في هذه المذكرات التي كانت بمثابة المؤنس له في رحلته الطويلة والشاقة، ثم تمتم بكلمات نابعة من قلبه وهو ينظر لصورتها التي يحتفظ بها في محفظته:

- ياااااه يا ماما قد ايه إنتي تعبتي وشقيتي! انا بجد مش متخيل أن في واحدة مرت بكل الظروف والمحن اللي تهد
جبال زي دي وقدرة تتخطاها! إنتي جبل يا ماما بجد! إنتي إنسانة عظيمة وملكش مثيل في الدنيا .. انا فخور انك أمي فخور جدا

دمعت عيناه وضحك ضحكة خفيفة قائلا:
- انا مغفل كبير على فكرة يا ماما عارفة ليه؟! كنت فاكر اني مريت بصعوبات كبيرة وتحديات شديدة وبقول في نفسي ازاي قدرت اتخطى كل ده؟! لكن بعد اللي قريته ده عرفت أن كل اللي مريت بيه في حياتي ميجيش واحد ف المية من اللي مريتي بيه يا ماما .. ربنا يرحمك يا حبيبتي ويجمعني بيكي مع ابويا وأختي في الجنة .. تقدري ترتاحي دلوقتي أنا خلاص نفذت وعدي ليكي وعملت كل اللي أقدر عليه

ثم لمعت عيناه ببسمة وقال:
- خلاص الحكاية انتهت

**********

- لم تنتهي الحكاية بعد  .. لقد بدأت للتو

وضعت قلمها ثم رجعت بظهرها على الكرسي وتنهدت بقوة وهي تفرد ذراعيها بتعب وإرهاق وقالت:

كما وعدتك - الجزء الثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن