الفصل الخامس

ابدأ من البداية
                                    

-الشرطة دي أنا لو عايز اجيبها فهجيبها لواحدة مزورة بترمي بلاها على الناس، أو مثلاً لأخوكي المدمن الصايع اللي خلاكي تعملي ده كله.

مط شفتيه بملل حين غرقت في بحور الصمت، فأشعل استفزازها أكثر حين صرح باستهزاء:

-أيه اتصدمتي، البنات صحابك طلعوا بيحبوكي اوي وحكولي كل حاجة.

انتشلت أخيرًا من صمتها وأردفت بنفاذ صبر:

-ولما هما  قالولك كل حاجة؟ جاي تعمل أيه؟
-اخد حقي؟

رد ببساطة أدهشتها، فتصنعت عدم الفهم:

-حقك؟! أيه هتضربني؟!

-لا أنا مابضربش بنات مابخدش حقي من بنت وخصوصا لو واحدة زيك ماتسواش حاجة.

قساوة رده جعلها تردف بغرور بعدما تعمد تحقيرها:

-غريبة مع إن ده مكنش كلامك لما شوفتني.

أعجبه لمحه الغرور الزائف المحتلة حدقتيها، فشعر بحاجته دهس كرامتها أكثر، اقترب خطوة أخرى واستكمل حديثه بهمس لاذع:

-وكملت معاكي ولا خلعت مش بقولك نظرتي فيك كانت في محلها، بيئة ماتناسبش بيئتي، كنت شايف فيكي وقحة صغيرة، بس الصراحة فاجئتيني وطلعتي...

صمت للحظة يمنع وصفها غير اللائق الذي انبثق بعقله فجأة، فقال بمكر مقصود:

-الوصف اللي هقوله ممكن يزعلك أكتر ما أنتي زعلانة.

لن تتحمل تحقيره لها أكثر من ذلك، فأعلنت عن استسلامها سريعًا بقولها الذي خرج بصعوبة منها:

-طيب خلاص أنا بتأسفلك وصدقني أنا مش هاجي جنبك تاني.

تأرجحت ملامحه من فوق جبل الهدوء الوهمي، ليسقط في بحر هائج بنبرة صوته الغاضبة:

-لاانتي ماتقدريش تيجي جنبي، هو انتي فاكرة أنا جاي اترجاكي انتي عبيطة ولا نسيتي نفسك، أنا يزن الشعراوي فوقي.

صاح "مصطفى" من خلفها بخشونة مخلوطة باهتزاز بسيط نتيجة لِمَ يتعاطاه:

-امال جاي ليه؟ مشرفنا بوجودك ليه لغاية البيت!

ضحك ضحكات ساخرة وهو يفتح ذراعيه مرحبًا بوجود مصطفى وكلماته المتهكمة تندفع من فوهة فمه كالقنابل:

-اهلاً بخبيتها، اهلاً بالمدمن، اللي بيبع اخته عشان مزاجه، بس الكلب ده محسبهاش صح، مقالكيش أن عيلة الشعراوي مابيدخلش عليها الحركات الخايبة دي.

كانت انفعالاته شحيحة للغاية نتيجة حاجته الشديدة لجرعته، فاضطر للاستخدام نفس أسلوب يزن الساخر:

-ولما هي مدخلتش عليك عايز أيه؟!

ابعد يزن "ليالي" عن طريقه بلمسه يتخللها الاستحقار، قبل أن يندفع نحو أخيها بهجوم ضاري لم يتوقعه مصطفى قط:

غَنَاء الروح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن