كانت تفرد ذراعيها بطريقة تدل على الإرهاق وهي تجلس خلف مكتبها في الصيدلية، فبمجرد ما تخرجت ذهبت للعمل هناك وقد ذاع صيتها في المنطقة وذلك دليل على ذكائها وبراعتها، وذلك بالتأكيد ليس بشيء جديد عليها.
قال لها دكتور الصيدلية:
- دكتورة مريم .. تقدري تروحي دلوقتي ومتأسف إني خليتك تقعدي من الصبح بس إنتي عارفة ان زمايلك حصلهم ظرف مفاجئ
مريم: ولا يهمك يا دكتور .. لو احتاجتني في أي حاجة أنا موجودة
قامت بخلع البالطو الخاص بها ورحلت، وعند وصولها للبيت وضعت المفتاح ودلفت للداخل، شعرت بأن هناك
شيئًا غريبًا في المكان، لكنها لم تبال وجلست على أقرب أريكة وتنهدت من تعب يوم طويل، جاءت إليها والدتها
ونادتها فقالت مريم بتعب:
- والله ما قادرة أقف يا ماما انا بقالي 12 ساعة على رجلي فالصيدلية
والدتها بهمس: شششششش في ضيوف جوا مع باباكي
مريم بعدم فهم: ضيوف؟!! ضيوف مين؟!!
شدتها من ذراعها ولم ترد على أسئلتها الكثيرة ودخلوا المطبخ، أعطتها صينية مشروبات وقالت:
- روحي قدميلهم العصير ده يلا
مريم بذهول: في اي يا ماما؟!! مالك مستعجلة أوي كدا هما مين دول بالظبط؟!!
أعطتها الصينية ودفعتها للدخول قائلة:
- اخلصي وبلاش رغي أنا ما صدقت
رفعت حاجبيها بدهشة ثم دخلت الغرفة وهنا تسمّرت مكانها واتسعت عيناها بذهول كبير، تسارعت نبضات قلبها وارتعشت يداها وكادت الصينية تسقط منها، امتلأ وجهها بحُمرة خجلها وأخفضت بصرها، بقيت على هذا الحال مدة حتى استفاقت على صوت والدها:
- مريم! مريم! .. هتفضلي هناك كتير ولا ايه؟! تعالي عشان تسلمي على ضيوفنا
نظرت له بعين زائغة ولم ترد فكان شكلها مضحكًا، نهض والدها وأخذ منها الصينية وأمسك يدها لتجلس، فقالت
الجدة كريمة التي أجلستها بجوارها:
- بسم الله ما شاء الله .. إنتي مريم؟
هزت رأسها بخجل فطبعت كريمة قُبلة على خدها وقالت لحفيدها:
- يا زين ما اخترت يا عمر .. ما شاء الله قمر زي ما حكيتلي عنها بالظبط
عمر بإبتسامة: وخلي بالك يا تيتة دي أحسن دكتورة صيدلانية فالمنطقة
ابتسمت وهي تنظر لأسفل منها، كم اشتاقت لصوته الذي غاب عنها كثيرًا، تحدثت الجدة معها في أشياء كثيرة حتى نهض عبد الرحمن وقال:
- طب يلا بينا يا حاج محمود علشان نشرب قهوتنا برة
محمود بإبتسامة وقد فهم مقصده:
- اه يا ريت .. يلا يا كريمة
خرج الجميع من الغرفة لكنهم لم يبتعدوا وبقوا على مقربة منهما، كانت مريم تفرك يدها بتوتر وما زالت تنظر
لأسفل منها، طال الصمت قليلًا حتى قطعه عمر قائلًا:
أنت تقرأ
كما وعدتك - الجزء الثاني
Romanceما الذي حل بك؟! ... هل رفعت راية الاستسلام؟! ... كلا هذا ليس من شِيَم الرجال أمثالك أبدًا، فأنت الذي من اعتدنا أن يبقى مقاتلًا حتى آخر رمق، أنت الذي من اعتدنا أن يفي بعهوده ولا ينقضها مهما حدث، إذًا هل ستخلف وعدك لأول مرة؟! ... لا من المستحيل أن تفع...
