في إحدى شرف الفيلا تجلس فتاة جميلة ذات ثلاثة وعشرين ربيعًا على أريكة كبيرة، تداعب نسمات الهواء خصيلات شعرها الطويل المائل للون البني، وتتحرك شفتاها المتوردتين مع نغم صوت أحد المطربين المفضلين لديها، كانت تُقلّم أظافرها وتستمتع بذلك الجو الرائع حتى جاءت إليها إحداهن وقالت:
- يا سيدي يا سيدي عالروقان .. قاعدة مستكنيصة وبتسمعيلي حماقي ولا على بالك
الفتاة بدون النظر إليها: إزيك يا فرح
جلست فرح بجوارها وقالت بدهشة:
- يخربيت برودك يا بسمة! ده بدل ما تقومي وتاخديني بالحضن وأنا غايبة بقالي كتير؟!
ما زالت بسمة تُقلّم أظافرها ولا تنظر إليها وقالت ببرود:
- غايبة بقالك كتير؟! مكنوش يومين دول اللي سافرتي فيهم شرم مع صحابك وعملتي شوبينج ورجعتي
عضت شفتيها بغيظ وقالت: وربنا ما أعرف إزاي إنتي بنت خالي! عالعموم أنا كنت جاية أقولك خبر مهم بس شكلك ملكيش نصيب تعرفي بقى
لم تبال بها بسمة، فنهضت فرح من مكانها وقالت:
- خليكي في العالم الموازي اللي عايشة فيه والدنيا مقلوبة تحت عند جدو وتيتة وإنتي مش دارية باللي بيحصل
تركت أداة تقليم الأظافر والتفتت إليها بفزع وقالت:
- حصلهم حاجة؟!!
فرح: لا لا مش قصدي كدة .. بس في واحد جه قلب الدنيا وكلنا مش مصدقين أنه رجع أخيرًا
بسمة بعدم فهم: واحد؟! يطلع مين ده؟!
ظهرت ابتسامة عريضة على شفتيها وقالت:
- بسمة! .. عمر ابن خالو أحمد رجع!
**********
دلف عمر برفقة جده غرفة جانبية وهي غرفة المكتب الخاصة به، أغلق الباب بإحكام وجلس على أحد الكرسيين الذي يقابل الكرسي الآخر، فقال الجد:
- كان لازم نقعد لوحدنا عشان في كلام مينفعش يتقال قدام جدتك .. دلوقتي تقدر تحكيلي على راحتك يا عمر
هز رأسه ثم تنهد تنهيدة عميقة ثم سرد لجده كل ما حدث من يوم أن تركوا الفيلا ورحلوا إلى إحدى ضواحي
القاهرة، كان الجد يستمع له بإهتمام شديد، وبعد أن انتهى قال وقد فرت دمعة من عينه:
- وبعد ما ماما اتوفت كان لازم أنفذ الوعد اللي وعدته ليها فعشان كدة جيت
نظر له جده متأثرًا ومسح دمعة حفيده وقال ببسمة:
- ربنا يرحم حسناء .. مامتك كانت غالية عليا أوي أنا وجدتك كريمة .. كانت بالنسبالنا زي بنتنا بالظبط .. بجد أنا مش مصدق إنها مرت بكل الظروف دي وقدرت تتخطاها!! حقيقي منبهر بشخصيتها وصبرها وقوتها إنها قدرت تربيك وتعلمك وتشرفك وسط الناس بعد كل اللي شافته
ثم أردف قائلًا: اللي فات مات خلاص .. ومن النهاردة هننسى كل حاجة وحشة مريت بيها .. أنت هتعيش في بيتك معزز مكرم وكل حاجة عايزها هتجيلك تحت رجليك .. وورث أبوك أحمد موجود ومش هسامح اللي كان سبب في كل اللي حصلك أنت ومامتك
أنت تقرأ
كما وعدتك - الجزء الثاني
Romanceما الذي حل بك؟! ... هل رفعت راية الاستسلام؟! ... كلا هذا ليس من شِيَم الرجال أمثالك أبدًا، فأنت الذي من اعتدنا أن يبقى مقاتلًا حتى آخر رمق، أنت الذي من اعتدنا أن يفي بعهوده ولا ينقضها مهما حدث، إذًا هل ستخلف وعدك لأول مرة؟! ... لا من المستحيل أن تفع...
