نصف الحكاية ٣

1.9K 82 4
                                    

يوم رائع قضته برفقة زوجها، يوم مفعم بالحيوية والانطلاق، انعش روحها وعزز وجودها بالحياة، وهذا ما جعلها تتخذ القرار الذي اتخذته الآن، وهي تجلس امام هاتفها مقررة الافصاح عن حقيقة خبأتها لفترة طويلة، نفسًا عميقًا، واستعداد واهٍ، وصمود زائف، وهي تفتح كاميرا الهاتف لتسجل بثًا مباشرًا وهي تقول:

_ مساء الخير، وحشتوني....

صمتت لثانية قبل أن تكمل:

_ الحقيقة مش كلكوا، وحشني بس الي وحشتهم، الي مقالوش عني كلمة وحشة، الي محكموش قبل ما يسمعوا، أما الباقي فكلامي مش موجه ليهم خالص..

نظرت جانبًا حيث يقبع زوجها، يتابعها باهتمام، يشجعها بعيناه، ويدفعها نحو تكملة ما بدأته:

_ لما البنت نشرت صورتي معاها وانا بقصة غريبة شوية، اوي بمعنى أصح شعري زي الولاد زي ما البعض قال، كلكوا علقتوا، سواء بالسلب او بالايجاب، الحقيقة انا هعتب على الاتنين لأن الي دافعوا عني، دافعوا من غير ما يعرفوا ملامسات الموضوع، والي هاجموا، برضو هاجموا من غير ما يعرفوا حاجه...

التقطت انفاسها وهي تقول:

_ قولولي كده ازاي بتقدروا تحكموا على حد وانتوا جاهلين بالحكاية كلها؟ ازاي بتقدروا تعلقوا وتقولوا رايكوا وانتوا شايفين نص الحكاية؟!

وبالطبع البث المباشر لا يخلو من تعليقات المشاهدين، فالتقطت عيناها تعليق يقول
"ايه نص الحكاية في كده؟ أنتِ ظاهره قصة شعرك بشكل مش لطيف خالص بتقلدي الاجانب وخلاص، بعدين لو مش عاجبك الكومنتات كده مكنتيش اتصورتِ مع البنت وأنتِ عارفه انها هتنزل الصورة"

ضحكت ساخرة وهي تقرأ التعليق وبدأت هي تعلق:

_ نص الحكاية هتعرفيها لما اوضح كل حاجة، وبالنسبة إني كنت ارفض اتصور معاها، اعتقد دي منتهى قلة الذوق، ووقتها كومنت صغير منها تقول فيه اني رفضت اتصور معاها، كنتوا برضو فضلتوا تغلطوا فيا... فعلى أي حال كنتوا هتغلطوا..

نفس عميق اخر اخذته قبل أن تقول:

_ الحكاية كاملة هي الي هحكيها دلوقتي...
انا من فترة مهيمكوش قد ايه، اكتشفت اني مريضة سرطان، وبدأت رحلة معاناتي وعلاجي، شعري ده مقصتوش، هو وقع، لحد ما وصل للشكل ده، حرصت طول الفترة الي فاتت اني اعمل شغلي ومقصرش، ورغم تعبي كنت بداريه وانا واقفه قدام الكاميرا عشان محدش يلاحظ حاجه، عشان ببساطه ملكوش ذنب تعيشوا معايا معاناتي، ومؤخرًا مكنتش بظهر غير بشعر مستعار، بس اليوم الي البنت قابلتني فيه كنت خارجه من غيره برغبة جوزي، الي حب يحررني ولو ليوم منه، واقنعني اني شكلي حلو ولازم اتقبله في كل حالاته..

حانت منها نظرة اخرى لزوجها قبل أن تهديه ابتسامة رائعة، ممتنة لكل لحظه وقف فيها معها داعمًا اياها بكل ما يملك:

في كل بيت حكاية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن