استيقظت من نومها فزعة فقد راودها كابوس مزعج كالعادة مثلما يحدث في أغلب أيامها، وضعت يدها على صدرها لتلتقط أنفاسها المتسارعة، دلف إبراهيم الغرفة وقال بقلق:
- إنتي كويسة يا فاطمة؟! سمعتك بتصرخي
أومأت برأسها وقالت بتعب: كويسة يا بابا متقلقش
إبراهيم: اومال مالك عرقانة وبتنهجي كدة؟!
مسحت على وجهها وقالت: مفيش .. حلمت بكابوس ولسه صاحية منه
إبراهيم بشفقة: ألف سلامة عليكي يا بطة .. طيب تعالي علشان تفطري
ابتسمت له وقالت: حاضر يا بابا اسبقني أنت وأنا هحصلك
غادر إبراهيم الغرفة، فألقت نفسها على السرير وأغمضت عينيها وتنهدت تنهيدة عميقة، ثم ذهبت إلى الحمام
لتستحم، وبعد أن انتهت خرجت إلى الصالة لتجده جالسًا ينتظرها فقالت بدهشة:
- مأكلتش ليه يا بابا؟!
إبراهيم ببسمة: مش بعرف آكل من غيرك إنتي عارفة
ابتسمت له وطبعت قبلة على جبينه وجلست بجواره، فقال لها:
- عملتلك لبن بالفراولة زي ما بتحبيه .. اشربيه بعد ما تفطري
فاطمة بفرحة: متشكرة أوي يا بابا
كانت تأكل ببطء وعيناها شاردة، تذكرت ذلك الكابوس الذي يراودها بين الفينة والأخرى، ما زالت تتذكر ما حدث
لها في ذلك اليوم، تلك الغرفة المظلمة التي حُبست فيها، وهؤلاء الرجال ذوو الملابس السوداء، ما مرت به لم يكن
هيّنًا أبدًا بالنسبة لطفلة في عمرها، نفضت أفكارها ونهضت من مكانها، نظر لها أبوها بدهشة وقال:
- رايحة فين؟! إنتي كدة فطرتي؟!
هزت رأسها فقال: يا فاطمة إنتي مأكلتيش حاجة ولا حتى شربتي كوباية اللبن بتاعتك
فاطمة: مليش نفس يا بابا .. أنا هروح المكتبة مع السلامة
وصلت عند الباب لتتوقف وتلقي نظرة على آلة الخياطة خاصتها، ابتسمت لها ولامستها بأناملها وتمتمت بالدعاء
لوالدتها ثم غادرت.
**********
جلست تلك الفتاة الجميلة ذات الثلاثة والعشرين ربيعًا على مكتبها في تلك المكتبة الكبيرة القديمة المليئة بشتى
أنواع الكتب القديم منها والحديث، ترتدي نظارة القراءة خاصتها وبيدها كتاب، كانت مشغولة في قراءته حتى
سمعت أحدًا يقول:
- ارحمي نفسك شوية وكفاية قراية يا ست المثقفة
ضحكت الفتاة ونهضت قائلة:
- أهلًا وسهلًا بالست هانم اللي منفضالي بقالها أسبوع ومعرفش عنها حاجة
صاحبتها وهي تعانقها: والله يا بطة لسه راجعة النهاردة من السفر وأول حاجة قولت اعملها إني اجيلك أخبارك ايه؟
أنت تقرأ
كما وعدتك - الجزء الثاني
Romanceما الذي حل بك؟! ... هل رفعت راية الاستسلام؟! ... كلا هذا ليس من شِيَم الرجال أمثالك أبدًا، فأنت الذي من اعتدنا أن يبقى مقاتلًا حتى آخر رمق، أنت الذي من اعتدنا أن يفي بعهوده ولا ينقضها مهما حدث، إذًا هل ستخلف وعدك لأول مرة؟! ... لا من المستحيل أن تفع...
