في توافق الأضداد و تناغم التنافر ، يخلق الجمال أروع الملاحم
____________________بضع خطوات بعد ليتجاوز السياج الخشبي المحيط بالمرج الأخضر التابع لملكية آل كروي ، و فور تجاوزه ارتمى جالسا على الارض العشبية بينما يستعيد أنفاسه المسلوبة بصعوبة .. لطالما كان تسلق هذه التلة صعبا ، خاصة بعد المشيء لمدة طويلة كما فعل هو .
ابتلع ريقه عندما شعر بجفاف حلقه ، مد يده للحقيبة القماشية المعلقة على ظهره و أخرج من قربة ماء .. تجرعها بسرعة و همهم برضا عن برودة المياه المعتدلة التي انسابت عبر حلقه و أبعدت عنه الحرارة و الجفاف .. أعاد القربة لحقيبته راميا اياها بجانبه ثم استلقى بظهره على العشب يهدئ أنفاسه
السماء في هذه اللحظة كانت تحمل لون بديعا للغاية .. ذلك اللون الجميل الذي يسبق الشروق قبل لحظات .. مزيج من اللون الأزرق و الاخضر و الرمادي مع خيوط من اللون الاحمر في الافق تمهد لشروق الشمس عما قريب .. العصافير لم تزقزق بعد و السكون يحوم في المكان مما أشعره بالاسترخاء و السلام النفسي ،ففي هذه الساعة من النهار لم يكن هناك أحد في الجوار عداه هو
الشمس لم تشرق بعد أي أنه لا زال يملك بعض الوقت كي يستريح قليلا من عناء المشي ... لقد أتى سيرا من قريته التي تبعد عشرة أميال عن مزرعة آل كروي .. فهو لا يملك المال الكافي الذي يمنحه رفاهية استئجار عربة أو حتى حصان و رغم إلحاح الزوجين كروي عليه لأخذ حصان معه لكنه دائما يرفض بأدب شديد في كل مرة
و لكي يصل في الوقت المناسب لمباشرة أعماله هنا في المزرعة يتعين عليه دائما ان يغادر من قريته في منتصف الليل و ذلك بعد التأكد من سلامة الطفلين و أنهما يملكان كل ما يحتاجانه لخمسة عشر يوما و هي المدة التي يغيب فيها عنهما قبل ان يحظى بعطلته التي تتمثل في ثلاثة أيام يهرع فيها بسرعة لقريته شوقا لهما
لحظات حتى لاحت أشعة الشمس في الأفق ليتنهد بقوة قبل أن يقف و هو ينفض الاتربة العالقة ببنطاله القماشي الاسود اثر جلوسه على الارض و بخطوات ساكنة لا تسمع حمل حقيبته متجها الى بيت آل كروي .. تجاوز السياج الخشبي قبل ان يسير لمدخل البيت و كعادته لم يطرق الباب كونه يعلم أنهم لازالوا نائمين و سيستيقظون عما قريب
لذا بهدوء شديد دخل نازعا حذائه المليء بالاتربة عند عتبة المنزل .. يعلم أن آيلا أصبحت عجوزا و من الصعب عليها التنظيف كل يوم لذا يقوم ما بوسعه لمساعدتها ، خطى بهدوء على أطراف أصابعه متجنبا اصدار اي صوت كي لا يتسبب في إيقاظهم
سار طوال الرواق الضيق حتى وصل الى غرفته ، كان الرواق مكونا من ثلاثة غرف .. واحدة في بدايته و هي خاصته ، ثم أثنتان متقابلتان واحد منهما تخص آرون و المقابلة لها كانت تخص شقيقته بيث لكنها بعد زواجها أصبحت مغلقة فقط و تم استعمالها كمخزن للأفرشة الاضافية و الأثاث الغير مستعمل ، أما الزوجان كروي فهما ينامان في غرفة موجودة في الرواق المقابل

أنت تقرأ
سهول كوتسوولدز
Romanceللوهلة الأولى، قد يظن قارئ هذه الرواية أنها تسرد حكاية أراضٍ ومزارع في شمال إنجلترا، لكن سرعان ما سيكتشف أن المقصود بـ "سهول كوتسوولدز" ليس سوى منزل ريفي يتربع على قمة جبل، تحيط به مساحات واسعة من الأرض، كانت مسرحًا لأحداث نسجتها فتاة فضولية لم تكن...