15 (الأخيرة )

64 3 0
                                    

يجلس بإحدى كراس الحانة عند الساقية ، يرتشف بهدوء مشروباً خفيفاً ، منتظراً عرض أصدقاءه

المكان هادئ لا يُسمع سوى صوت دردشة الحضور الخافتة 

لكن سرعان ما تتبدل الأجواء ، ليتحول الأمر لحفلةٍ صاخبة

أضواءٌ ساحرة تجذب أنظار الجميع نحو أربع أشخاص ، يتوسطون المنصة ، تفتتح السمراء إيقاعاً فريداً و صاخباً

الجميع منغمسٌ بموسيقاهم ، متحمسون ، يرقصون و يتمايلون بصخبٍ و جنون

يُحدق بهم بإنسحارٍ و فخر ، لتتجه حدقييته لمكانٍ شاغر ، حيث إعتاد أن يتمركز

تتوقس زوايا شفتيه للأسفل ليُسارع بقضم السفلية معاوداً التبسم ما أن إصطدمت عدستيه بزرقاوةٍ قلقة ....

إنتهى العرض ، ليختم العازفون حفلتهم بتحيةٍ كبيرة ، ينحنون بإمتنانٍ للآخرين الذين يصفقون بحماسة و يصرخون بصخب

تعاود زرقاوته البحث عن أحدهم لتخيب محدقةً بحزن بالأرجاء بصمت ....

.............

هيوا  : .... ماذا تريد مني أكثر ... سلبت كل شيء ... لما أوجدتني هنا إن كنت ستُعذبتي بهذه الطريقة ... أين عدلك ... لما أنت قاسٍ هكذا ... فقط أخبرني ..  أشر لي  ... اعطني أي جواب ... قل لي ... ما الجرم الذي إقترفته لأُعقاب هكذا ...

جالساً أرضاً أمام السور ذاته ، محدقاً بالسماء السوداء

بريق عينيه و حمرة جفنيه ، تألم حنجرته و صوته المهزوز ، يتحدث بألمٍ كبير ، ألم قلبه ، يسأل و يُعاتب ، يحاول جاهداً فهم حاله

هيوا : ...  أعطيتني عائلةً مختلة ... هل تذمرت ؟!! ... هل شكوت ؟! ... قبلت و رضخت ... أقنعت نفسي أنه لصالحي ... أقنعت نفسي أن بكل أمرٍ سيء يوجد خير ... قبلت بكل ما أعطيتني ... و لم أشكو قط ...

يصمت قليلاً مبتلعاً ألم حنجرته التي تصعب عليه التحدث ليُكمل بعدها

هيوا : ... لا أفهم ... لا زلتُ لا أفهم ... لماذا ؟ ... لما تقتل روحي هكذا ... لما تعطيني أجنحةً إن كنت ستقوم بتحطيمهما ... لما جعلتني طموحاً و ذو أحلام ... لما لم تجعلني كأي شخصٍ آخر حولي ... لم أرى قط أحداً طموحاً بهذا الشكل ... لم أراهم قط يجهدون أنفسهم و يحاولون ... لم أرهم قط يحاربون ... مع ذلك حصلوا على كل ما تمنوه ... ماذا عني !!! ... لما لم تجعلني مثلهم ؟! ... لم خلقت بي هذه المشاعر و هذا الإصرار ... هذه الطموحات ... الرغبات لأكون مختلفاً ... لأصنع إرثاً ... لأنحت إسماً ... لماذا ؟؟!  ... لما تعطيني مفاتيح لأبوابٍ ليست موجودة ... لما تقيد جناحاي هكذا ... لما صنعتهما من البداية ... لماذا ؟!!! ... ما الذي فعلته لك !!! ...

هيوا : ... حاولتُ جاهداً أن اكون شخصاً صالحاً ... لم أسرق قط و لم أنهب لم أجرح أحداً و لم أذي ... لم أكسر خاطراً ... بعيداً تماماً عن جميع الأخطاء ... إذاً لما ... أم أن هذا عقابي لأنني أحببت شاباً ؟!! ... و هل الأمر يستحق كل هذا ؟! ... لا أظن ذلك ... أولست أنت من خلق الحب ؟!  ... لما تحاسبنا على ما أحببناه إذاً ... الأمر ليس مجرد رغباتٍ قذرة ... أليس من المفترض أن تعلم ما بقلوبنا ؟!  ... إذن انت تعلم جيداً ... أن حبي حقيقي ... سواء أكان ليوجين أم لك ... أنت تعلم أنني اؤمن بك و اتجنب كل ما يغضبك ... أهكذا تعاملني ... أهكذا يُكافئ حبي ...

أثرُ فراشة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن