14

38 3 0
                                    

تجهزوا أربعتهم لأداء عرضهم الجديد بذات الحانة ، إلا أنه عرضٌ خاص بتذاكر محدودة و بحضورٍ معين

مما جعل من بهجتهم و ثقتهم تعلوا أكثر خصيصاً برؤية كمٍ هائلٍ من الناس الذين جاءوا خصيصاً لرؤية عرضهم

بدأت أياديهم بعزف لحنٍ فريد و إيقاعٍ مميز ، يتوسطهم صاحب صوتٍ عميقٍ و مسالم بذات الوقت ، هادئٍ بصخب ، يحمل كمّاً من المشاعر يصوبها مباشرةً لقلوبهم جميعاً

رغم أن البعض إشتكى كون صوته لطيف و جذاب و لا يليق لما يقدمونه ، فقد إعتادوا على الصخب الجنوني و ليس رخاءً و نعيماً

لكن مع ذلك الجميع أحب نبراته و سلام دندناته ، يستمتعون و يتمايلون تناغماً مع العرض

و بينهم شخصٌ يحدق بإبتاسمةٍ عريضةٍ و واسعة بهم ، شعوراً بالفخر الذي سُرعان ما تحول لدهشة و من ثم خيبة

كشخصٍ أدرك للتو أمراً غفل عنه سنواتٍ طوال ، رغم حوم الأمر حوله طوال الوقت

محدقاً بالمكان الشاغر المخصص له و الذي حرص يوجين على ذلك كونه تأمل عودته بل واثقٌ من ذلك ، لم يسمح لأثره بالغياب أيضاً

تأمل حيويتهم و تناغمهم ، تأمل إستمتاع الجميع بعرضهم ، ليدرك أن ما كان يعيق نجاحم ، ليست الظروف و لا المادة

و لا حتى الحظ العاثر أو إختلاف الأذواق

بل هو

وجوده بحد ذاته ، بمجرد خروجه ولو مؤقتاً إستطاعوا الوصول لما لم يستطع هو رغم جهده و إرهاقه و بحثه و سعيه سنواتٍ طويلةٍ جداً

بذل جهداً عظيماً لم يبذله أحد قط ، مع ذلك لم يحصد أي نتيجة و رغم ذلك لم ييأس

لكنه الآن ، لم يعد يائس أبداً ، و لا محبطاً ، بل مذهولاً ، محاولاً إستيعاب الأمر ، محاولاً ربط كل شيء

ربط جميع العروض التي قدموها وتم رفضها ، جميع المرات التي كان سبباً لفشلهم ، جميع المرات التي سُلبت منهم الفُرص ، كلها بسبب تواجده

لو لم يكن هو متواجد لصعد رفاقه منذ زمنٍ طويلٍ جداً

لكانوا الآن يقدمون عرضاً خاصاً بهم على أكبر المسارح و بحضور ملاين الأشخاص و هتافهم بإسمهم

لم يستطع كبح بريق بنيتيه لإدراكه أنه لم يكن سوى مجرد عقبة ، و التي لاحظتهما زرقاوةً براقة تبتسم بجفونها بلطفٍ و حبٍ كبير ملاطفةً معشوقتيها البنيتين ....

بمجرد إنهاء العرض إختفى وجوده ، تمعن يوجين حوله بتركيز إلا أنه لم يجد له أثراً

ليُخفض حدقته بهدوء للأرضية لربما إستطاع إلتماس القليل مما يشعر به الآخر ....

..............

لاحظ فحمي تبسمات الآخر الكثيرة ، ملاطفة الجميع و تشجيعه لهم بإفراط ، قهقهاته و ملاطفاته المبالغة 

أثرُ فراشة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن