جزء 37

1.6K 91 1
                                    


الحب الإلهي… .

لقد بدأت روحي تستشعر الجمال الالهي فعليا ، وصرت أتذوق حلاوة الايمان بطريقة عملية لانظرية ، وصرت كفراشة تحوم حول الشمعة ، لاتستطيع ان تنفك عنها ، وترى ان نور  المحبوب يحيط بها من كل جهة ، كالغريق في الماء ، توهجت المحبة في روحي وفاضت لتحب اهل الايمان ومن لهم اتصال بي كأمي وزوجتي واخواتي وأصحابي ..

لقد ادت الكمالات التي اعطاني إياها شيخي - اليقظان والتي ذكرتها  في هذا الكتاب بعنوان ( منازل الكمالات ) مفعولها في نفسي - فصرت مشدودا الى سيدي ومولاي وربي والهي ، وصرت استأنس بالذكر كأستئناس العاشق بمعشوقه ، وصار قلبي يحن الى الطاعة وينفر من المعصية ، وقد حصلت على جذبة المحبة ببركات الذكر  وخصوصا (الصلاة على  محمد وآل محمد ) ومناجاة المحبين وادعية الصحيفة السجادية ، فأشعر بشوق عارم للصلاة ، ولقراءة القرآن ، ولحرم مولاي الحسين ،  وللقاء أستاذي ، ولمجالسة أهلي ، وصار لساني يلهج بذكر ( يا خير حبيب ومحبوب ) ،
ولما بلغ الحنين أوجه ، ووصل الهيام حده ، ووصل بحر الحب مده  قصدت استاذي وابي الروحي الشيخ يقظان الى داره ، لأشرح له ما انا به من أنس بالله تعالى ، وشوق لذكره ، ولأخبره ببعض الأحوال الخاصة التي حصلت عليها ، من يوم زواجي الى الآن ، فاستقبلني بحفاوة بالغة ، واهتمام كبير ثم شرعت باخباره بكل ذلك فقال :

( اعلم ياعزيزي ان المؤمن اذا اجتنب المعصية ، وترك الذنب ، وهجر الخطايا ، وهدم معبد الأوثان ، واجتاز وديان الملكات السيئة بناقة الهمة ، وجياد الشجاعة ، وسيف المجاهدة ، رافعا راية النصر على نفسه الأمارة ، حينها سيدخل في وادي الكمالات  الذي حدثتك عنه سلفا ، وبعد العمل المستمر بهذه التوصيات ، والاستمرار على هذه الكمالات الأخلاقية ستشتعل روحه لا اراديا بمحبة الله تعالى ومحبة أوليائه ، وستتعلق روحه بكل مايذكرها بالمحبوب سبحانه ، حينها سيدخل في بحار المحبة ، ويخوض لجج الهيام ، ويدخل في أعماق بحر العشق الإلهي ، وهذا بدأت به للتو ، فبعد ان عالجت ملكاتك ، والتزمت بالكمالات ، انقدحت في قلبك شرارة الحب الإلهي ، وها انت في بداية هذا المقام فدعني أحدثك عن حقيقة الحب الإلهي وبعض تفاصيله ، فأعطني مجامع قلبك بينما اذهب لأجلب لك الشاي…… ..
نهض الشيخ  وانا خجل من تصرفه ولكنها أخلاق أهل الله حيث يخدمون الضيف بأنفسهم…
قدم لي الماء والشاي ثم جلس على الأريكة أمامي وقال…
( حب الله تعالى من اعظم المقامات العرفانية ، ولايصل اليه الا من وفقه الحق لذلك وهو من افضل العبادة ، كما ورد في الاحاديث وشدة الحب لله تعالى مقام عظيم اعطاه الله للمؤمنين) ، كما ورد في القرآن الكريم :
(وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ) فانظر ياعزيزي قد وصف الله المؤمنين بأنهم شديدو الحب لله تعالى ، ولهذا السبب أمر نبينا العظيم عليه الصلاة والسلام بالحب فقال : ( أحبوا الله من كل قلوبكم ) وأعطى الله كرامة لمن يبلغ هذا الحب بجعله عزيزا غير محتاج للآخرين ، كما ورد عنه عليه افضل الصلاة والسلام ( من آثر محبة الله على محبة نفسه ، كفاه الله مؤونة الناس ) وقد عدها المسيح عيسى ( على نبينا وآله وعليه السلام ) أفضل الأعمال حين سئل عن أفضل الأعمال فقال : (الرضا عن الله والحب له ) وقد جعله مولانا الباقر عليه السلام كل الايمان فقال : ( انما الايمان هو الحب ) وجعله مولانا الصادق عليه السلام افضل من الخوف فقال : ( الحب أفضل من الخوف ) .
وحب الله تعالى هو النعمة الكبرى ، والهدية العظمى التى يختص بها الله تعالى ولذا يقول امامنا الصادق عليه السلام : ( ما انعم الله عز وجل ، على عبد أجل من ان لا يكون في قلبه مع الله تعالى غيره ) .
وقال عليه السلام : ( لايمحض رجل الايمان بالله ، حتى يكون الله احب اليه من نفسه ، وأبيه ، وأمه ، وولده ، وأهله ، وماله ، ومن الناس كلهم ) ..
ثم تعال معي ايها العزيز لآيات المحبة في القرآن الكريم وانظر الى قوله تعالى : ( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين ) اي ان محبة الله آثر في نفوسكم وأقرب مما سواه ، ثم انظر معي لقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)  وتأمل في معنى (أشد حبا ) وهو المسمى عند أهل اللغة بالعشق الذي هو شدة الحب ، والمحب ايها العزيز يعطي كل شيء لأجل محبوبه ، ولذا قال تعالى في حق المتقين : { لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}
وفي حق ساداتنا اهل البيت عليهم السلام ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ويقرر القرآن الكريم ان الحب يلقى من الله تعالى فيقول سبحانه : [ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي]  ثم انظر الى من يحب ومن لايحب ، وما لايحب في القرآن الكريم … .

1- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
2- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ .
3- فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ .
4- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .
5- وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ .
6- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ .
7- إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِهِۦ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٌ مَّرْصُوصٌ.

- واما الذين لا يحبهم الله تعالى فهم :
1- وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ .
2- إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ .
3- وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ .
4- وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ .
5-فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ .
6-إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ .
7-إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا .
8- لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ .
9- إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .
10- إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ .
11-إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ .
12-إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ .
13-إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ .
14- إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ .
15- إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ .
16- إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ .

ويضع الله تعالى معيارا حقيقيا  لحبه وهو اتباع النبي وأهل بيته عليهم السلام فيقول على لسان نبيه : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
ثم تعال ياعزيزي - الى ماورد عن النبي وآله في حب الله تعالى ففي ما يورث محبة الله تعالى ورد في حديث المعراج :( يامحمد وجبت محبتي للمتحابين في ووجبت محبتي للمتعاطفين في ، ووجبت محبتي للمتواصلين في ، ووجبت محبتي للمتوكلين علي ، وليس لمحبتي علم  ولا غاية ولا نهاية وكلما رفعت لهم علما وضعت لهم علما ) .
ويحب الله الحليم فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( وجبتْ محبَّةُ اللهِ على من أغضبَ فحلَمَ ) .
ويحب من أكثر من ذكر الموت فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم ( من أكثر ذكر الموت أحبه اللَّه) . وقيام الليل يورث محبة الله تعالى ، والمتصدق ، والمجاهد ، فقد قال صلى الله عليه وسلم:  ( ثلاثه يحبهم الله عز وجل : رجل قام من الليل يتلو كتاب الله ، ورجل تصدق بيمينه يخفيها عن شماله ، ورجل كان في سريه فأنهزم اصحابه فأستقبل العدو ) .

يتبببببببع….

رحلة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن