الجزء 27

2.7K 157 15
                                    

        
منازل الكمالات….

بعد ان انهيت معالجة اغلب الملكات السيئة ، وفق النظام الذي رسمه لي شيخي اليقظان ، وقد كانت آخر زيارة له تخص ملكة (عدم حضور القلب  في الصلاة  وإلاذكار ) وقد اجتزتها بفضل الله تعالى ، وعناية النبي واهل بيته الطاهرين ( صلوات الله وسلامه عليهم ) وبإتمام معالجة الملكات يكون المريد قد عبر وديان المجاهدة وانتهى منها وانتقل الى مايسميه شيخي بمنازل الكمالات ولي معه الليلة لقاء حول ذلك بعد العشاء…
ذهبت الى داره العامرة وكلي شوق بمعرفة هذا المقام الجديد واحواله ومنازله ، فقد كانت الاربعونيات السابقة شاقة ومتعبة ، وكأنك تقاتل خصما عنيدا ومتكبرا  ولقد صدق نبينا الاكرم صلوات الله عليه حين عبر عنها ب ( الجهاد الأكبر )
* بينك وبين المعشوق وكر الأفاعي…  انت جلدها وهي السم…  وبعده جبال الذئاب العاوية ومستنقع التماسيح…  فاذا اجتزت هذه المخاطر استعد لخوض المعركة الأخيرة مع الأشباح السود… . وبقتلهن تكون قد انتصرت… .. حينها تكون قد وضعت   قدمك في اول خطوة بدرب العشاق…
استقبلني بابتسامته الملكوتية ، ومعانقته الحانية ، ولطفه الأبوي وبعد ان طاب لنا المقام  واستقر بي  المجلس قال لي :  لقد انتهيت ياحسن  من اغلب ملكاتك السيئة - والحمد لله تعالى - ولكن من الذي يضمن ان لاتعود اليها ؟! فالنفس لا أمان لها ، وليست بثقة دوما ، فإياك اياك  ان يأخذك الزهو وتعتقد انك انتصرت على هذا العدو الماكر ، فابق على حذر منها ، ولاتركن الى الكسل  والدعة والخمول ..
والان اود ان احدثك عن المقام الثاني في عالم السير والسلوك والعرفان وهو ( منازل الكمالات ) فاعطني مجامع قلبك ، واصغ لي بكل وجودك كي تفهم مرادي ، وتدرك مقصودي .
- نعم شيخي بخدمتك
- بعد ان استيقظ العبد من غفلته ، ورجع الى الحق بتوبته النصوحه ، سار في درب تزكية النفس فدخل فيما نسميه ( وديان المجاهدة) حيث كل ملكة هي وادي سحيق بحد ذاتها ، فدخل في هذه الوديان وعيناه مفتوحتان ، وقلبه يقظ ، يحمل سيف الجهاد بيده ، وفأس التحطيم على عاتقه ، ويلبس درع التقوى على صدره ،  فمر بالوديان واحدا  واحدا  فقتل عقاربها ، وقطع رؤوس افاعيها ، ونازل غيلانها ، وقاوم وحوشها وحرق كهوفها ، ودمر اوكارها ، حتى اجتاز صحاريها منتصرا  بالله ، وفاتحا بحوله وقوته  فلواتها ،  واذا به يبصر بيوتا عظيمة ، وقصورا كبيرة ، ودورا جميلة ، وقلاعا شاهقة وقد كتب عليها ( منازل الكمالات ) فنودي عليه  : ايها المريد لاتبلغ الحقيقة حتى تتخلق بما في هذه المنازل من اخلاق ، وتلتزم بما نقش على جدرانها من اداب ، وتلتزم بما غرسناه في بساتينها من سنن ! [ اعتدل بجلسته وقال : خلي اوضحلك بصورة بسيطة شنو المقصود : العبد مو خلص من الذنوب ؟! هنا اكو اخلاقيات ، وتعليمات ، وارشادات ، واداب لازم يأديهن هذه القضية تشبه واحد اشترى بيت خرابة فحتى يسكن بيه لازم  اولا ينظفه من الانقاض والأتربة والاوساخ وبعدين يجي يجمله ويأثثه فيصبغه ويجيب له اثاث ويخلي بيه اضاءة وهكذا ]
- وهذه الكمالات كثيرة سأذكر لك احد وعشرين منزلا منها :
- ( منزل الاخلاص ) : الاخلاص لله تعالى في كل نية ، وقول ،  وفعل ، وان يكون مقصوده في كل مايصدر منه طاعة مولاه ونيل رضاه ( عز وجل ) ، ويسير في عالم الاخلاص في النوايا والاقوال والافعال حتى يصل الى مقام ( الخلوص ) فيكون كله لله تعالى.
2- ( منزل الشكر ) :  فيكون المريد شاكرا عند كل نعمة ، ومع الشروحات المستفيضة التي ذكرها علماء الاخلاق والعرفان والتي استقوها من القرآن الكريم والروايات الشريفه الواردة عن النبي واله الطاهرين ، الا ان الشكر ببساطة هو ان يكون قلبه معترفا بأن جميع ماعنده من الله تعالى وانه مستخلف عليه ، ولسانه لهجا بالشكر ، وعمله موافقا للطاعة .
3- ( منزل الصبر ) : فعليه ان يصبر على البلاءات التي تنزل به بقلب راض بقضاء الله وقدره ، وان يكون حاله التوكل والتسليم والرضا والتفويض . 
4- ( منزل القرآن الكريم ) : اذ على المريد ان لايفارق قراءة الكتاب المجيد وعلى اقل التقادير قراءة خمسين آية من القرآن الكريم ، والافضل ان يقرأ حزبا او جزءا يوميا ، وان لا يفارق النسخة الشريفة منه في حله وترحاله .
5- ( منزل الدعاء ) : اذ على المريد ان يقتني كتب الادعية المعتبرة وفي مقدمتها : الصحيفة السجادية ، مصباح المتهجد ، اقبال الاعمال ، جمال الاسبوع ، مفاتيح الجنان ، فعليه ان يخصص وقتا لقراءة شيء من الادعية المأثورة ،  وينبغي ان لا تفوته ادعية المناسباات كدعاء عرفة بيوم عرفة ، ودعاء كميل ليلة الجمعة ، ودعاء الصباح والعهد والايام صباح كل يوم .
6- ( منزل الصلاة ) : فالصلاة كما تعلم ( معراج كل تقي ) و ( عمود الدين ) اذ على المريد ان لايقصر اتجاهها من عدة جهات اهمها ، اقامتها بوقتها ، حضور القلب والتوجه اثناء ادائها ، الالتزام بالتعقيبات المأثورة واهمها تسبيح مولاتنا الزهراء عليها السلام .
7- ( منزل التوسل ) : ومع ان العلاقة بأهل البيت عليهم السلام لها صور عدة الا ان التوسل يعد من أرقاها بعد الولاية ، فعلى المؤمن ان لايفارق التوسل بأرواحهم الطاهرة ، ومقاماتهم السامية ، وان لايترك الالحاح على ذلك والاستشفاع بهم عند الله سبحانه وتعالى ، وعليه ان يكثر من قراءة دعاء التوسل فأنه سر من الأسرار ومفتاح من مفاتيح فتح أبواب الفيوضات  الإلهية .
8- ( منزل الزيارة ) : فلزيارة المراقد المقدسة للأئمة المعصومين وابنائهم الطاهرين أهمية عالية في السير والسلوك والعرفان ، وهي ركن من اركان الكمالات وبامكانك قراءة كتاب ( كامل الزيارات ) لتعرف مدى خصوصية هذا المنزل وعلو مقامه ، وعلى المريد ان لايبرح ابواب محال قبورهم السامية ، فانهما منازل الفيوضات ، ومهابط الكرامات ، ومعادن الكمالات ، فأن استطاع ان يزور مراقدهم المطهرة يوميا فليفعل والا ففي الاسبوع مرة واحده او بالشهر .

9- ( احياء الأمر ) :  فعلى المريد ان تكون له قدم راسخة في احياء شعائر اهل البيت عليهم السلام وخدمة مولانا سيد الشهداء عليه السلام ، بأن يكون من الباكين ، او الراثين ، او اللاطمين ، فأن مواكب العزاء او مآتم الرثاء مواطن الاسرار الإلهية ، ومحال نزول الفيوضات الخاصة .
10- ( منزل الصيام ) : فهو نافع جدا في طهارة الباطن ، ونيل الاحوال المعنوية الجيدة ، وهو يورث المعرفة والحكمة والمحبة ، وبامكانك قراءة ما ورد  بفضله وخصوصا في حديث المعراج ، فحاول ان تصوم في الاسبوع يومين قدر امكانك .
11- ( منزل التهجد) : فعلى المريد ان لايترك قيام الليل ، والتهجد بالاسحار ،  وان لايترك صلاة الليل فأنها شرف المؤمن وفيه من الاسرار ما لاتسعها هذه الجلسة ، وقد سمعنا من غير واحد من العارفين قولهم انه محال ان يصل احد الى المقام المنشود وهو لايصلي صلاة الليل .
12 - ( الحق الشرعي ) : ان اداء الحقوق الشرعية لها مدخلية كبيرة في نيل الكمالات المعنوية . والعنايات الخاصة فعلى المريد ان يدفع الخمس والزكاة وان يتصدق يوميا فأن في ذلك أثار عظيمة ، وعطايا خفية. 
13- ( منزل الذكر ) : اعلم ياحسن : ان من صفات المريد الحقيقي مداومته على ذكر الله تعالى ، واللهج بالذكر  يورث نورانية عجيبة في القلب ، وسعة وجودية عظيمة ، وقابلية كبيرة ، في عوالم السلوك وافضل الذكر على الاطلاق ( الصلاة على محمد وال محمد ) فأقرأ هذا الذكر الف مرة في اليوم  على اقل التقادير وان استطعت اكثر فافعل ، كما عليك بكثرة الاستغفار والتهليل والتسبيحة الكبرى وغيرها .
14- ( منزل خدمة العيال ) : لقد طرق اسماعك ، او قرأت ماورد عن أئمتنا المعصومين عليهم السلام في مشاركة اهلهم ومساعدة عيالهم في شؤون البيت ، وعلى هذا سارت سيرة الصالحين ، فتمسك بذلك واخدم اهلك في البيت ولا تتعنت فقد قيل : ( دلل تدلل ) اي دلل عيالك يدللك الله تعالى بلطفه وعطائه .
15- ( منزل الخلوة ) :
فمن الافضل للمريد ان تكون له خلوة مع الله تعالى يناجيه ، ويدعوه ، ويتضرع اليه  ، يصطحب فيها القرآن الكريم وكتب الادعية يقرأ فيها اذكاره الخاصة ، وكل مايعينه على القرب ،
16- ( منزل التفقه ) :
اذ على المريد ان يكون متفقها في دينه ، مطلعا على مسائل الحلال والحرام ، عارفا بالشريعة والاحكام ، فأن الفقه عماد الدين كما ورد عن الأئمة المعصومين عليهم السلام .
17- ( منزل الإنتظار ) : يجب  على المريد ان تكون له علاقة وطيدة بإمام زمانه ( عجل الله فرجه الشريف ) فينتطره بشوق ، ويمهد لظهوره بكل وجوده ، ويذكره آناء الليل ، واطراف النهار ، ويتصدق نيابة عنه ، وغير ذلك من صور الانتظار والعلاقة .
18- ( منزل مطالعة  السيرة) : على المريد ان يسير سير الانبياء ، واحوالهم ، وقصصهم ، وحكمهم ، ويتعمق جدا في مطالعة سيرة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام ، وسيرة الأئمة المعصومين عليهم السلام ، واصحاب النبي المنتجبين ، وتلامذة الأئمة الصالحين ثم يطالع سيرة العلماء الربانيين ، والأولياء الصالحين ، والعرفاء الكاملين ، كي ينتهج نهجهم ويعرف طريقتهم في السير والسلوك والعرفان .
19- ( منزل الموت ):
فعلى المريد ان لا ينسى الموت وان يجعله واعظا له دائما ، ويستعد له دوما ، كما ان عليه ان يزور المقبرة ولو في الشهر مرة .
20- ( منزل الخلق  الحسن) : فعلى المريد ان يتسع صدره للجميع، وأن يتحمل الخلق ، وان يكون دائم البشر ،  طيب المعشر ، لين العريكة ، لطيف الجناب ، فأن في ذلك الخير كله .
21- ( منزل الصمت ) : فينبغي على المريد ان يكون صمته اكثر من نطقه ، فأن من كثر صمته اودع الحكمة… .
هذه اهم منازل الكمالات وافضلها فاعمل على تطبيقها ما استطعت ولا تتركها وهذا برنامجك العام واما الخاص فقد كتبته لك بورقة سأعطيك اياها وتعال إلي غدا بنفس الوقت لأحدثك عن موضوع الاداب  والسنن  المتعلقة بمنازل الكمالات ..

يتبببببببع

رحلة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن