«في الأشخاص الذين ننسى وجودهم علاج، ولكن لا أحد يرغب بالدواء.»
خطواته كانت بطيئة على الدرجة، ثم خلال الهدوء الذي طغى على الردهة تردد صوت المفتاح ينغرس في الباب، فتحه فوجد ضحى ترفع عينيها مترقبة، كانت تنظر إليه كأنها تنتظر شيئًا ما وشعر بالأسى لأنه لا يملك ما يقوله، وكم تمنى أن يأتي بخبرٍ جميل، ثم دخل وهو يبادلها النظرات الصامتة.
انتبه أنها صارت ترتدي بنطلون وردي يميل للبرتقالي، وفوقه كنزة بيضاء عليها سترة بلا أكمام بنفس اللون، وحذاء أبيض عليه وردة قماشية. رفعَ حاجبهُ وقال بابتسامةٍ: «لقد قستِيه! يبدو الطقم مناسبًا عليكِ تمامًا، هل أعجبكِ؟»
أومأت مرارًا ورفعت بيجاما صفراء قائلة: «وهذه أيضًا، جميلة جدًا، قستها وناسبتني، أحببت الأغراض كثيرًا، شكرًا!»
اقترب واحتضنها، تذكر حديثه مع سلوى وشدها إليه، زم شفتيه وأغلق عينيه عاقدًا حاجبيهِ بأسى، ثم أخذَ نفسًا وفكَ العناق ملتفتًا نحو عمر الذي كان لعبه يصدر صوتًا صاخبًا، كان يجلس على الأرض ويضع حاسوبهِ على الطاولة ويحرك الفأرة ويضغط على الأزرار بسرعة وتركيز! كان قد تركَ جهازه اللوحي لضحى على حلقةٍ من ماشا والدب قبل أن يبدأ اللعب.
لم يكن سيتوقف ولو خرج الأموات من قبورهم لذا تجاهله وجلس يأكل من كيس البطاطا المفتوح والذي لحظ أنَّه من مشتريات الأمس، طلب من ضحى تبديل ملابسها مجددًا لأن الجديدة تحتاج للغسل وفعلت ذلك فورًا، استلقت على الأريكة تتابع المشاهدة وبعدَ حينٍ همست بهدوء: «عمي!»
التفتَ رافعًا حاجبيه وتمتم: «نعم؟»
وحينَ بدا أنّها ترددت قال مدركًا لسؤالها: «لا بأس إن أردتِ السؤال حتى لو أكثرتِ، ولم تتصل بعد ستخبرنا عمتكِ سلوى فورَ ما تتحدث معها!»
أومأت ولكن لم تكن راضية وتكدرت ملامحها، فمسحَ على رأسها ونهض ليحضر الكيس ويخرج لها بعض الأكلات التي اختارتها بنفسها حين تسوقا. مقاطعًا هتف عُمر بسعادة: «نعم، هكذا يكون اللعب!»
نظرَ إلى إسلام ونزع السماعات متسائلًا: «لما خرجت؟»
ردَ إسلام بلا مبالاة: «للتحدث مع حبيبة القلب!»
لوّحَ عمر بيدهِ ساخرًا وقال: «أتخيل هذا! إنه من الأمور التي لا تصدق حتى وإن رؤيت بالعين!»
أومأ إسلام قائلًا: «أجل تركت التخصص لكَ!»
رفعَ عمر حاجبيه واعترضَ: «وكأنني مرتبط أو أنَّ لديّ صديقات، يال الظلم!»
رمقه إسلام بشك، إنه يعرف أنَّ عمر لا يمانع الخروج مع زملاء شركته حينَ يخرجون ولو أنَّ نصفهنَّ فتيات، كرر اعتراضه حين فهم بما يفكر: «ولكني لا أتحدث عن أمرٍ خارج العمل أو الشركة أبدًا، ولا أشاركهنَّ رَقمي!»

أنت تقرأ
جَمرة في فؤادٍ خامد
Romanceيزهر الفؤاد بالأحبة. ما هي المعادلة الصحيحة التي يمكن من خلالها حل معضلة الفراق؟ سطورٌ تبدو خيالاً بالنسبة لي، خيالٌ بالنسبة لكَ، واقعٌ عليهم. 23.03.23 23.07.07 فائزة في مسابقة النوفيلا الحرة نسخة 2023.