1- لوحةٌ بشريه

2.5K 106 295
                                        

-
-
-
(حتىٰ أنا لم أُرد هذا، لا تتصرف بلؤم..)
الخامسَ عشرٍ من نوفمبر، الامطارُ تُغطي الشوارعَ كالعادةِ في مثلِ هذا الوقتِ من السنه؛ خصوصاً في ڤونتاين، لا تتوقف.

حملَ كُتُبهُ ومظلتهُ مُتجهاً للجامعه، ليسَ كأنهُ شيءٌ يُريدُه. تنهدَ أشقرُ الشعرِ بينما يفتح بابَ مسكنه. آتياً من موطنهِ لموطنٍ غريبٍ لا يعرفُ احداً فيه فقط للدراسه. رُغمَ إحتواءِ سوميرو علىٰ أفضلِ أكاديميةٍ في العالم إلا أنَ المدعوَ بِـ كاڤيه قررَ الدراسه في ڤونتاين لأنَ سوميرو لا تُقدرُ الفنَ بنظره، أنهم مُتعطشين للعلمِ فقط.

ماشياً في شوارعِ ڤونتاين بينما تعزفُ قطراتُ السماءِ ألحانها علىٰ مظلتهِ السوداء، لم يكُن مُحباً للمطرِ لكنهُ يسعدُ بسماعِ صوتِه، كانَ شيئاً يستطيعُ تهدأتَ ذهنهِ من خلاله. روائِحُ الخُبزِ الساخنِ والقهوةُ تُداعبُ أنفهُ الاحمر، رُغمَ أصابتهُ بالزُكام إلا أنهُ استطاعَ شمَ تلكَ الروائحَ قادمةٌ من إحدىٰ المقاهي. (ما زالَ الوقتُ مُبكراً للجامعه، لا ضررَ من البقاءِ هُنا.)

فُتِحَ بابَ المقهىٰ مُصدراً صوتَ جرسٍ يدلُ علىٰ دخولِ زبونٍ جديد. أغلقَ كاڤيه مظلتهِ السوداء ووضعها علىٰ إحدىٰ طاولاتِ المقهىٰ مع كُتُبِه.

"مرحباً، أأستطيعُ خِدمتك؟" أردفت إحدىٰ عاملاتِ المقهىٰ.
"أوه، صباحُ الخير، أُريدُ خُبزاً مُحلىٰ وقهوه." ردَ اشقرُ الشعرِ جالساً علىٰ طاولته.

"بالتأكيد، ايُ نوعٍ من القهوه سيدي؟"
"حِلوه." ردَ كاڤيه بأبتسامه.

"ثوانٍ وستصلُك."
همهمَ كاڤيه كَـ 'حسناً' ثُمَ فتحَ إحدىٰ دفاترهُ. كانَ دفتراً للرسمِ، وكانَ فوضوياً.
شخصيتهُ فوضويه بأيّ حال لكن هذا ما جذبَ الناسَ إليه، فهوَ يتمتعُ بشعبيةٍ كبيره حتىٰ في وطنٍ ليسَ وطنه.
أخرجَ كاڤيه قلماً وبدءَ برسمِ شيءٍ خطرَ في بالهِ تواً. فنانٌ عبقريٌ مُبدع، عازفٌ وطباخٌ ماهر. تمتعَ بصفاتٍ كثيره حتىٰ وأن كانت تُناقض شخصيتهُ الارتجاليه.

"المعذره، أنتَ تجلسُ بمكاني." قالَ شخصٌ ضخمٌ أتىٰ أمامَ كاڤيه منَ العدم، رُبما لأنَ تركيزهُ كانَ علىٰ الرسمه.
رفعَ أشقرُ الشعرِ عيناهُ ليرىٰ من هذا المُغفل الذي قاطعه، توقفت عيناهُ بنصفِ جسدِ الآخر علىٰ شيءٍ ما.

"اللعنه أهذا كُلهُ صدرُك؟" قالَ كاڤيه بعدمِ أدراكٍ لذاته.
"أعذُرني؟" ردَ الشخصُ الآخر بأستغراب.

"أعني، احم-، ماذا قُلتَ قبلَ قليل؟" سألَ أشقرُ الشعرِ مُحاولاً عدم التفكيرِ في ما قالهُ تواً.

"آ- قُلتُ أنكَ تجلسُ بمكاني، تحديداً علىٰ معطفي." ردَ ضخمُ البُنيةِ بهدوء.
"علىٰ معطفِك؟" وقفَ الاشقر مُحدقاً بالكُرسي وقد وجدَ معطفاً عليهِ بالفعل.

A secret - سِرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن