الفصل السابع-7

16 1 0
                                    

ما هو العدم؟ لا أعلم ولكني أشعر به، ولا أعلم كيف أشعر بشيء لا أعلمه وبنفس الوقت يمكنني تسميته بشيء، بدأت أفكاري تأخذ منحنى فلسفي أكثر من السابق، لا أفهم لماذا ولكن لا بأس هذا يجعلني أشعر أن هناك جزء جديد مني ينبثق ويخرج للواقع، ولكن لا يمكنني تصنيف هل هو جزء جيد أم سيء، ما زالت أفكاري تشوبها لمحات من تلك الخطبة الفاشلة، ولكنها على الأقل لم تعد تأخذ مكانًا كبيرًا من أفكاري مثل السابق، ربما هو بقايا العلاقة، تلك اللحظة التي تتخلص فيها من علاقة ما ولكنك لا تستطيع تجاوز الذكريات التي صنعتها في تلك العلاقة، هذا جيد كوني تخطيت العلاقة ولكن الذكريات تترك وغزة لعينة في قلبي، إنها مثل المخدر، تشعرك بالنشوة والسعادة في بداية سريانها بين اوردتك ولكنها تؤلم لاحقًا، تغيب عقلك وتحفزه على ارتكاب الأخطاء، فقد كنت مغيبة عندما لم أرد أن أبتعد قليلًا، كان الابتعاد واجب حتى أشفى، فبالنهاية البيئة التي جعلت مريضًا لن تستطيع أن تشفى فيها يومًا، أظن أنني قرأت شيئًا من هذا القبيل لإحدى الكُتاب ولكن لا أتذكر أين، ولكن على أية حال كان هذا الكاتب محقًا.

أخذت رشفة من الشاي ذي اللون الأحمر الخفيف، قررت اليوم استبدال القهوة بالشاي، فالشاي تأثيره السلبي لا يُقارن بالقهوة، رفعت الكوب الزجاجي الشفاف أمام أشعة الشمس التي تدلف من الشرفة لأرى لون الشاي النقي، ابتسمت بخفة من مظهر الكوب والشاي المثالي الذي يُسر الناظرين.

أخفضت الكوب ووضعته على الطاولة، نهضت واتجهت نحو الشرفة مفتوحة الأبواب، بحثت بعيني عن نبتة النعناع الصغيرة بالشرفة ولم أستغرق الكثير من الوقت فقد جذبتني رائحته العطرة، انحنيت اشتم رائحته بابتسامة ثم مددت يدي وقطفت بضعة وريقات من النبتة وعدت إلى الداخل، وضعت الوريقات في الكوب وتركته قليلًا لتمتزج نكهة النعناع مع الشاي.

حدقت في إحدى التماثيل النحاسية الموضوعة بإحدى أركان الغرفة وشردت قليلًا، لم تأتيني أي رسائل من ميلاني ولا حتى مكالمة هاتفية، كانت قد أعطتني رقم هاتفها قبل أن ترحل في هوجتها التي لم تسمح لي بتوديعها، حاولت الاتصال بها عدة مرات ولكن في جميع المرات كان يجيب شاب ما ويقول لي أن خالته ميلاني مشغولة ولن تستطيع أن تجيب، كان يبدو كبيرًا في السن لتكون مرأة مثل ميلاني خالته، ولكن يبدو أن ميلاني هي الابنة الصغرى لتلك العائلة، ربما عليّ أن أعاود الاتصال بها الآن، أنهيت كوب الشاي خاصتي وتركت غرفة الطعام، توجهت إلى مكتب الاستقبال الذي يجلس خلفه مانويل، نظر لي بملل وهو يراني أضع سماعة الهاتف على أذني وأكتب رقم ميلاني، قلب عينيه بملل وقال:

- ألم تملي من المحاولة؟

- لا وسأظل أحاول حتى أصل إلى نتيجة ترضيني.

أجبت في إصرار وأنا انتظر الإجابة من الطرف الآخر، أدعى مانويل انشغاله ببعض الأوراق وقال بلا مبالاة:

غرف فندقيةWhere stories live. Discover now