موسى وعنوان
أتممتُ صلاتي خلف امام المسجد ، جنب الحاج الندَّاف ، وأنا أعيش أعلى حالات الإنكسار وأشدها ، فقد عشتُ حياةَ الترف والدلال ، ولم يسبق ان يردَّني احدٌ بهذه القساوة والغلظة ...
لقد أثر بي موقف الرجل الشديد كثيراً ، وأخذت بي الأفكار بعيداً بعيداً
حتى أحسستُ بيد النداف تمتد للمصافحة وهويقول : تقبل الله !
فقلت بتململ : تقبل الله حجي !
فقال : من يفكر بعبد الله ، في صلاة الله ، لا يصل الى الله !لم تجتذبني الكلمةُ كثيراً ، وظننتها مدارةً وتسليةً لا أكثر ، ثم نهضنا للخروج
فقال الحاج : نطلع سوه !
مسك بيدي وقال : اريد أن اقول لك شيئا مهماً فأعطني مجامع قلبك وكما يقول الحق : {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } .
ـ تفضل .
ـ أعلم ، ان الموقف الذي حصل معك قبل قليل صعب ولم تكن تتوقعه ، ولكن البضاعة غالية واهلها يخافون عليها !
ـ يا بضاعة ؟!ـ حين سألته هكذا ، نظر اليَّ بعطف عالم لجاهل ووضع يده على كتفي ووقف وقال :
تلك التي اخرجت يوسف من كنعان
والقته في بئر التسليم
ثم أخرجته من جُبِّ الحيرة الى سوق الكثرة
فلم يمكث حتى سكن في بيت الوحدة والحضور
ثم انتقل الى سجن التحرر والانعتاق ثم صار ملكاً بها
وهي نفسها التي جعلت يعقوب واولاده يسجدون له !ـ ضحكت وقلت : حرام اذا افتهمت شي !
قال : انت لماذا تريد اللقاء بشيخ يقظان ؟!
ـ اريد تربية نفسي ، ومحبة الله ، وان اكون مؤمناً .
ـ ولأن مطلبك صعب تشدد عليك فما عليك الا ان تبقى مصراً وتلح عليه وتطرق الباب كثيرا ولا تتركه ولو طردك الف مرة فان الطريق الى الله تعالى من دون استاذ صعب للغاية وفيه ما فيه من المزالق والمهالك ويندر ان يجتازه احد فقد قال مولانا زين العابدين السجاد (عليه السلام) : ( هلك من لم يكن له حكيمٌ يرشده ) فارجع غداً وبعد غد وبعدهما واجلس بين يديه ولا تتركه فأنه من أهل القلوب ورجال الله وهو احد رجال سلسلة مدرسة استاذ اساتذتنا المرحوم السيد علي القاضي التبريزي (قدس سره) وقد القت رحلها ببابه !
ـ قلت متململاً : واذا طردني !
ـ بويه سامع بموسى وعنوان ؟!
ـ لا !ـ شوف : النبي موسى طلب من الله (عز وجل) ان يرزقه لقاء أحد أولياء الله فارشده الحق تعالى الى البحر ، وهناك مر موسى وغلامه على رجل مستلقي على ظهره ـ وكان هو المقصود ـ فلم يعتن بهما ولم يقل لهما انني المطلوب وتركهما يسيران بعيداً ويتعبان كثيراً بأعتبار انه متأكد [ اللي يريده الله يجيبه ] وبعد كذا ساعة اضطرا ان يرجعا ليجدا الشخص نفسه بالانتظار ... قال له : [ تعال يا موسى سالفتك يمي ] لكن الخضر تشدد كثيرا مع موسى وأخبره اكثر من مرة [إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً] وموسى الكليم كان مصرا على التحمل والطاعة والتسليم [ شتريد بخدمتك] وكان يردد : { سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً } وهنا مارس الخضر أشد الاساليب حتى يختبر موسى [ويشوفه يتحمل الطريق يو لا ]...
• كسر سفينة الملك ، وقتل غلام ، واقام جدار ولكن موسى لأنه يريد بلوغ الاسرار التي عند الخضر لذلك كان يعتذر على كل تساؤل ويطلب الصفح .واما عنوان فهو رجل كبير بلغ الاربع وتسعين سنة وقد جاء الى الامام الصادق (عليه السلام) ليتعلم حقيقة العبودية على يديه فتعامل معه الامام كما تعامل الخضر واشد وصرفه من بابه ولكن اصرار الشيخ عنوان جعله يجلس بحذاء باب الامام ويتوسل الى ان فتح له الابواب ورفع له الاستار واشرقت على قلبه الأنوار ...
وبابتسامة عريضة قال لي : هسه فهمت يو لا ؟!
ـ قلت : جاليش هيج يتعاملون ؟!
ـ قال بهمس : العطش يولد الحماس !
ـ وصلنا لمفترق طريق
قال : اني اروح منا ، لبيتنا ، روح لأهلك !
قلت له : من اليوم فصاعداً [ أهل الله هم أهلي ] !
شكراً لأنك أفهمتني الطريق وغدا سارجع للشيخ يقظان ولا أتركه [ مو اذا كسر السفينة لو يكسر راسي ما اتركه ]
ـ ابتسم وقال : الله يرحم عزيزنا سيد عبد الكريم الكشميري كان يقول : ( من توسل بصاحب الزمان 100 مرة سهل الله له استاذأ للطريق )
ـ ماشي حجي
ـ في امان الله
ـ في امان الله.... يتببببع
أنت تقرأ
رحلة عشق
Spiritualالطريق الى الله سبحانه هو عبارة عن رحلة حب💚 هاي الرحلة اذا ما يكون اساسها الحب💜 والعشق لا يستطيع العبد ان يوصل لنهاية الطريق ويدخل في قلعة العبودية الحقة لأن افاعي الطريق قاتلة💔 وذئابه كاسرة لذلك اهم شي في الطريق انك تعال لله بحب💛 قصه من اروع ال...