28 |دعوة غير متوقعة|

Start from the beginning
                                    

آفيلين براين كانت فتاةً مختلفةً عني بكل شيء، لديها حياةٌ مثالية بكل ما تعنيه الكلمة، عائلةٌ محبة، والدان عطوف، شقيقان شابان يجعلان حياتها مليئة بالصخب، لديها مجموعة أصدقاء كبيرة وهي صادقةٌ تجاه صداقتهم، هذا مختلفٌ للغاية عني، مختلفٌ للغاية عن الشاب الذي كذب طوال خمس سنوات على أصدقاء جامعته لأجل الاختلاط بمجتمع البشر، ولهذا السبب بالذات أنا لم أعد أتواصل مع تلك المجموعة مطلقاً بعد أن اتصلوا ليطمئنوا علي.

حياتها المثالية لم تكن صعبة، وإنما مرت ببساطة، بعض المشاكل العابرة والكثير من الأيام السعيدة، تعيش في السكن الجامعي لأن منزلها يبعد ساعتين عن الجامعة وتزور عائلتها في معظم أيام العطلات، لديها مرض "متلازمة القلق المزمن" منذ أن كانت طالبةً في الإعدادية وتفاقم معها في الثانوية مما جعلها تأخذ أدويةً عصبية، وهذا الأمر على أي حال كان أمراً غبياً، هذا ما كانت ستقول عنه روسلين، لأن تعاملها مع القلق بالتمارين الذهنية والبرمجة العصبية كان ليكون أفضل من الأدوية التي تجعل حالات التوتر المفرط التي تصيبها تؤدي لردات فعل عنيفة مع جسدها إن لم تأخذ الدواء، تماماً كما حصل حين هوجمت في ذلك الحي القذر وارتجف جسدها كعصفورٍ جريح.

هذه الفتاة جريئة، تملك لساناً يقول ما تفكر به دون تفكير، ولكن بسبب مرضها وتوترها الاجتماعي فهي تحمر خجلاً بسرعة، لذلك أجدها متناقضة ولطيفةٌ للغاية أيضاً. أحب جرأتها، أحب أنها تتحدث بصراحة وأن الكلمات التي تخرج من فمها بعفوية قد تجعلني في عاصفة، وبالمقام نفسه أحب خجلها المفرط وتوترها الجميل وقلقها المرضي.. كنتُ أحبه رغم أنه كان مؤذياً لها.

وقعت بالحب مرةً واحدة، وهذا الأمر رغم صعوبته فقد كان جميلاً، هي تعرف هذه المشاعر وتقدرها، حبيبها السابق آرثر بقي معها لثلاث أشهر قبل أن ينفصلا، ذهب إليها وأخبرها أنه شعر بالانجذاب نحو صديقتها سينا، وأنه لا يريد البقاء معها وهو ينجذب لصديقتها حتى لا يشعر أنه خائن، وانفصلا بسلامٍ مطلق، الأمر ترك بعض الجراح في صدرها ولكنها لم تكن عميقةً كثيراً، لم تصبح ندوباً، ولم تجعلها مشوهة، لذا كان بوسعها أن تقع بالحب مجدداً حتى مع شخصٍ مقيتٍ مثلي.

كانت تضحك دوماً وتقول "سينا مذهلة، لا ألوم أي شخص يقع بحبها." ولكنها كانت كاذبةً حول عدم اكتراثها للأمر، ومن البداية كانت حمقاء لأنها صدقت كذبة آرثر، كان واضحاً للغاية أن آرثر لاحظ أنها تكن له الإعجاب فعرض عليها مواعدتها، وهكذا تقرب من سينا، وبعد فترة طلب الانفصال كرجلٍ نبيل، ثم ترك الأمور تهدأ لشهر قبل أن يطلب مواعدة سينا، الأمر الأسوأ أن سينا أدركت ذلك ووافقت! ولكن خلال سير تلك الأحداث لم يكن أحداً سيلاحظ أن الأمر متعمدٌ للغاية، ولكن حين حكت لي القصة شعرتُ بنية ذلك الشاب، وكيف كانت خطته واضحةً للغاية.

حين أخبرتني بهذه القصة دوناً عن غيرها كانت أمامي، في منزلي، وعلى الأريكة التي أجلس عليها وتدير جسدها بالكامل نحوي، بيننا مسافةٌ كافية ولكنها قصيرةٌ بما يكفي لألتقط صوت أنفاسها، يومها بالذات استعملت الكثير من الشتائم المستهزئة، والتعابير الساخرة، وضحكت ببلاهة بلا توقف، ولكني استطعتُ سماع اضطراب تلك الأنفاس من الفتاة الصغيرة التي بجانبي، استطعتُ سماع ضربات القلب المضطربة، وشعرتُ كيف تخبئ هذا الجرح وراء الكوميديا المبتذلة التي صنعتها، وراودتني رغبةٌ عميقةٌ باحتضانها.

Hybrid | هجينWhere stories live. Discover now